أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
وهذا الوعيد الذي أوعد به إبليس ومن تبعه في هذه الآية الكريمة بينه أيضا في مواضع أخر. كقوله: * (قال فالحق والحق أقول لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) *، وقوله: * (فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون) * إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (جزاء) * مفعول مطلق منصوب بالمصدر قبله. على حد قول ابن مالك في الخلاصة: وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (جزاء) * مفعول مطلق منصوب بالمصدر قبله. على حد قول ابن مالك في الخلاصة:
* بمثله أو فعل أو وصف نصب * وكونه أصلا لهذين انتخب * والذي يظهر لي: أن قول من قال إن (مرفورا) بمعنى وافر لا داعي له. بل (موفورا) اسم مفعول على بابه. من قولهم: وفر الشيء يفره، فالفاعل وافر، والمفعول موفور. ومنه قول زهير: والذي يظهر لي: أن قول من قال إن (مرفورا) بمعنى وافر لا داعي له. بل (موفورا) اسم مفعول على بابه. من قولهم: وفر الشيء يفره، فالفاعل وافر، والمفعول موفور. ومنه قول زهير:
* ومن يجعل المعروف من دون عرضه * يفره ومن لا يتق الشتم يشتم * وعليه: فالمعنى جزاء مكملا متمما. وتستعمل هذه المادة لازمة أيضا تقول: وفر ماله فهو وافر. أي كثير. وقوله (موفورا) نعت للمصدر قبله كما هو واضح، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الا موال والا ولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) *. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: هذا أمر قدري. كقوله تعالى: * (ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) * أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا، وتسوقهم إليها سوقا انتهى.
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن صيغ الأمر في قوله * (واستفزز) *، وقوله * (وأجلب) *، وقوله * (وشاركهم) * إنما هي للتهديد، أي افعل ذلك فسترى عاقبته الوخيمة. كقوله * (اعملوا ما شئتم) * وبهذا جزم أبو حيان (في البحر)، وهو واضح كما ترى. وقوله * (واستفزز) * أي استخف من استطعت أن تستفزه منهم. فالمفعول محذوف لدلالة المقام عليه. والاستفزاز: الاستخفاف. ورجل فز: أي خفيف. ومنه قيل لولد البقرة: فز. لخفة حركته. ومنه قول زهير
(١٦٨)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»