كالأمر في قوله * (واستفزز) *، وقوله * (وأجلب) *. وقد قدمنا أنه للتهديد.
وقوله * (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) * بين فيه أن مواعيد الشيطان كلها غرور وباطل. كوعده لهم بأن الأصنام تشفع لهم وتقربهم عند الله زلفى، وأن الله لما جعل لهم المال والولد في الدنيا سيجعل لهم مثل ذلك في الآخرة، إلى غير ذلك من المواعيد الكاذبة.
وقد بين تعالى هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله: * (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) *، وقوله: * (ولاكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الا مانى حتى جآء أمر الله وغركم بالله الغرور) *، وقوله: * (وقال الشيطان لما قضى الا مر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) *، إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (إن عبادى ليس لك عليهم سلطان) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن عباده الصالحين لا سلطان للشيطان عليهم. فالظاهر أن في الآية الكريمة حذف الصفة كما قدرنا، ويدل على الصفة المحذوفة إضافته العباد إليه إضافة تشريف. وتدل لهذه الصفة المقدرة أيضا آيات أخر. كقوله: * (إلا عبادك منهم المخلصين) *، وقوله: * (إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) *، وقوله: * (إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) *، إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه. * (وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا * أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا * ولقد كرمنا بنىءادم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) * قوله تعالى: * (وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) *. بين جل وعلا في هذه الآيات الكريمة: أن الكفار إذا مسهم الضر في البحر. أي اشتدت عليهم الريح فغشيتهم أمواج البحر كأنها الجبال، وظنوا أنهم لا خلاص لهم من ذلك ضل عنهم. أي غاب عن أذهانهم وخواطرهم في ذلك الوقت كل ما كانوا يعبدون من دون الله جل وعلا. فلا يدعون في ذلك الوقت إلا الله جل وعلا وحده. لعلمهم أنه لا ينقذ من ذلك الكرب وغيره من الكروب إلا هو وحده جل وعلا،