: واستفزز) * أي استخف من استطعت أن تستفزه منهم. فالمفعول محذوف لدلالة المقام عليه. والاستفزاز: الاستخفاف. ورجل فز: أي خفيف. ومنه قيل لولد البقرة: فز. لخفة حركته. ومنه قول زهير:
* كما استغاث بسيىء فز غيطلة * خاف العيون ولم ينظر به الحشك * (والسيىء) في بيت زهير بالسين المهملة مفتوحة بعدها ياء ساكنة وآخره همز: اللبن الذي يكون في أطراف الأخلاف قبل نزول الدرة. والحشك أصله السكون. لأنه مصدر حشكت الدرة: إذا امتلأت، وإنما حركه زهير للوزن. والغيطلة هنا: بقرة الوحش ذات اللبن. وقوله * (بصوتك) * قال مجاهد: هو اللهو والغناء والمزامير. أي استخف من استطعت أن تستخفه منهم باللهو والغناء والمزامير. وقال ابن عباس: صوته يشمل كل داع دعا إلى معصية. لأن ذلك إنما وقع طاعة له. وقيل * (بصوتك) *: أي وسوستك. وقوله * (وأجلب) * أصل الإجلاب: السوق بجلبة من السائق. والجلبة: الأصوات. تقول العرب: أجلب على فرسه، وجلب عليه: إذا صاح به من خلف واستحثه للسبق. والخيل تطلق على نفس الأفراس، وعلى الفوارس الراكبين عليها، وهو المراد في الآية. والرجل: جمع راجل، كما قدمنا أن التحقيق جمع الفاعل وصفا على فعل بفتح فسكون وأوضحنا أمثلته بكثرة، واخترنا أنه جمع موجود أغفله الصرفيون: إذ ليست فعل (بفتح فسكون) عندهم من صيغ الجموع. فيقولون فيما ورد من ذلك كراجل ورجل، وصاحب وصحب، وراكب وركب، وشارب وشرب إنه اسم جمع لا جمع. وهو خلاف التحقيق.
وقرأ حفص عن عاصم (ورجلك) بكسر الجيم لغة في الرجل جمع راجل.
وقال الزمخشري: هذه القراءة على أن فعلا بمعنى فاعل، نحو تعب وتاعب ومعناه وجمعك الرجل اه أي الماشيين على أرجلهم. * (وشاركهم فى الا موال والا ولاد) *. أما مشاركته لهم في الأموال فعلى أصناف: (منها) ما حرموا على أنفسهم من أموالهم طاعة له. كالبحائر والسوائب ونحو ذلك، وما يأمرهم به من إنفاق الأموال في معصية الله تعالى، وما يأمرهم به من اكتساب الأموال بالطرق المحرمة شرعا كالربا والغصب وأنواع الخيانات. لأنهم إنما فعلوا ذلك طاعة له.
أما مشاركته لهم في الأولاد فعلى أصناف أيضا:
منها قتلهم بعض أولادهم طاعة له.