أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
تؤثر فيها فنخرقها بشدة وطئك عليها، والجبال الشامخة فوقك لا يبلغ طولك طولها. فاعرف قدركا ولا تتكبر، ولا تمش في الأرض مرحا. القول الثاني أن معنى * (لن تخرق الا رض) * لن تقطعها بمشيك. قاله ابن جرير، واستشهد له بقول رؤبة بن العجاج: لن تخرق الا رض) * لن تقطعها بمشيك. قاله ابن جرير، واستشهد له بقول رؤبة بن العجاج:
* وقاتم الأعماق خاوى المخترق * مشتبه الأعلام لماع الخفق * لأن مراده بالمخترق: مكان الاختراق. أي المشي والمرور فيه. وأجود الأعاريب في قوله * (طولا) * أنه تمييز محول عن الفاعل، أي لن يبلغ طولك الجبال. خلافا لمن أعربه حالا ومن أعربه مفعولا من أجله. وقد أجاد من قال: طولا) * أنه تمييز محول عن الفاعل، أي لن يبلغ طولك الجبال. خلافا لمن أعربه حالا ومن أعربه مفعولا من أجله. وقد أجاد من قال:
* ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا * فيكم تحتها قوم هم منك أرفع * * وإن كنت في عز وحرز ومنعة * فكم مات من قوم هم منك أمنع * واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: * (ولا تمش فى الا رض مرحا) * على منع الرقص وتعاطيه. لأن فاعله ممن يمشي مرحا. قوله تعالى: * (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما) *. الهمزة في قوله * (أفأصفاكم ربكم بالبنين) * للانكار ومعنى الآية. أفخصكم ربكم على وجه الخصوص والصفاء بأفضل الأولاد وهم البنون، لم يجعل فيهم نصيبا لنفسه، واتخذ لنفسه أدونهم وهي البناتا وهذا خلاف المعقول والعادة. فإن السادة لا يؤثرون عبيدهم بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب، ويتخذون لأنفسهم أردأها وأدونها. فلو كان جل وعلا متخذا ولدا (سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا) لاتخذ أجود النصيبين ولم يتخذ أردأهماا ولم يصطفكم دون نفسه بأفضلهما.
وهذا الإنكار متوجه على الكفار في قولهم: الملائكة بنات الله. سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. فقد جعلوا له الأولادا ومع ذلك جعلوا له أضعفها وأردأها وهو الإناثا وهم لا يرضونها لأنفسهم.
وقد بين الله هذا المعنى في آيات كثيرة. كقوله * (ألكم الذكر وله الا نثى تلك إذا قسمة ضيزى) *، وقوله: * (أم له البنات ولكم البنون) *، وقوله: * (لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشآء) * والآيات بمثل هذا كثيرة جدا. وقد بينا ذلك بإيضاح في (سورة النحل). وقوله في هذه الآية الكريمة * (إنكم
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»