أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٨١
جارية التميمي. فقلت له: هل سمعت في النفل شيئا؟ قال: نعم، سمعت حبيب بن مسلمة الفهري يقول: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة اه.
وقد علمت أن الصحيح أنه صحابي، وقد صرح في هذه الرواية بأنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع إلى آخر الحديث.
ومما يدل على ذلك أيضا: ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث) أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة، وصححه ابن حبان.
وفي رواية عند الإمام أحمد: كان إذا غاب في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره لأنفال، ويقول: ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم.
وهذه النصوص تدل على ثبوت التنفيل من غير الخمس.
ويدل لذلك أيضا: ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود عن معن بن يزيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نفل إلا بعد الخمس، قال الشوكاني: في (نيل الأوطار): هذا الحديث صححه الطحاوي اه.
والفرق بين البدأة والرجعة. أن المسلمين في البدأة: متوجهون إلى بلاد العدو، والعدو في غفلة. وأما في الرجعة: فالمسلمون راجعون إلى أوطانهم من أرض العدو، والعدو في حذر ويقظة، وبين الأمرين فرق ظاهر.
والأحاديث المذكورة تدل على أن السرية من العسكر إذا خرجت، فغنمت، أن سائر الجيش شركاؤهم، ولا خلاف في ذلك بين العلماء، كما قاله القرطبي.
الثاني: من الأقسام التي اقتضى الدليل جوازها: تنفيل بعض الجيش، لشدة بأسه، وغنائه، وتحمله ما لم يتحمله غيره، والدليل على ذلك ما ثبتت في (صحيح مسلم)، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، في قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري، على سرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستنقاذه منه. قال سلمة: فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير فرساننا اليوم، أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس، وسهم الراجل فجمعهما لي
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»