أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٧٩
الحديثين المذكورين.
ولا شك أن من تورع عن بيع رباع مكة، وإيجارها خروجا من الخلاف، أن ذلك خير له، لأن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
تنبيه أجمع جميع المسلمين على أن مواضع النسك من الحرم كموضع السعي، وموضع رمي الجمار حكمها حكم المساجد، والمسلمون كلهم سواء فيها.
والظاهر أن ما يحتاج إليه الحجيج من منى، ومزدلفة كذلك، فلا يجوز لأحد أن يضيقهما بالبناء المملوك حتى تضيقا بالحجيج، ويبقى بعضهم لم يجد منزلا، لأن المبيت بمزدلفة ليلة النحر، وبمنى ليالي أيام التشريق، من مناسك الحج.
فلا يجوز لأحد أن يضيق محل المناسك على المسلمين، حتى لا يبقى ما يسع الحجيج كله، ويدل له حديث: (منى مناخ لمن سبق) كما تقدم.
المسألة الخامسة: في تحقيق المقام فيما للإمام أن ينفله من الغنيمة، وسنذكر أقوال العلماء في ذلك، وأدلتهم، وما يقتضي الدليل رجحانه.
اعلم أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة، كما أشرنا له في أول هذه السورة الكريمة، ووعدنا بإيضاحه هنا فذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن الإمام لا يجوز له أن ينفل أحدا شيئا إلا من الخمس، وهو قول سعيد بن المسيب، لأن الأخماس الأربعة. ملك للغانمين الموجفين عليها بالخيل، والركاب. هذا مشهور مذهبه، وعنه قول آخر:
أنها من خمس الخمس.
ووجه هذا القول: أن أخماس الخمس الأربعة، غير خمس الرسول صلى الله عليه وسلم لمصارف معينة في قوله: * (ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * وأربعة الأخماس الباقية ملك للغانمين.
وأصح الأقوال عن الشافعي: أن الإمام لا ينفل إلا من خمس الخمس، ودليله: ما ذكرنا آنفا.
وعن عمرو بن شعيب أنه قال. لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن قدامة في (المغني): ولعله يحتج بقوله تعالى: * (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»