الثاني: أن النصوص المتقدمة أصح منه، وأولى بالتقديم، وقد قال أبو داود: حديث أبي معاوية أصح، والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وكانوا مائتي فارس اه.
وقال النووي في (شرح مسلم): لم يقل يقول أبي حنيفة هذا أحد، إلا ما روي عن علي، وأبي موسى اه.
وإن كان عند بعض الغزاة خيل فلا يسهم إلا لفرس واحد، وهذا مذهب الجمهور منهم مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، والحسن، ومحمد بن الحسن، وغيرهم.
واحتجوا بأنه لا يمكنه أن يقاتل إلا على فرس واحد، وقال الأوزاعي والثوري، والليث، وأبو يوسف: يسهم لفرسين دون ما زاد عليهما، وهو مذهب الإمام أحمد، ويروى عن الحسن. ومكحول، ويحيى الأنصاري، وابن وهب، وغيره من المالكيين.
واحتج أهل هذا القول بما روي عن الأوزاعي: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس)، وبما روي عن أزهر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح، أن يسهم للفرس من سهمين، وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبهما سهم، فذلك خمسة أسهم، وما كان فوق الفرسين فهي جنائب، رواهما سعيد بن منصور، قاله ابن قدامة في (المغني).
واحتجوا أيضا بأنه محتاج إلى الفرس الثاني، لأن إدامة ركوب واحد تضعفه، وتمنع القتال عليه فيسهم للثاني، لأنه محتاج إليه كالأول، بخلاف الثالث فإنه مستغني عنه، ولم يقل أحد إنه يسهم لأكثر من فرسين، إلا شيئا روي عن سليمان بن موسى، قاله النووي في (شرح مسلم)، وغيره.
واختلف العلماء في البراذين والهجن على أربعة أقوال:
الأول: أنها يسهم لها كسهم الخيل العراب، وممن قال به مالك، والشافعي، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، ونسبه الزرقاني في (شرح الموطأ) للجمهور، واختاره الخلال، وقال: رواه ثلاثة متيقظون عن أحمد، وحجة هذا القول ما ذكره مالك في موطأه، قال: لا أرى البراذين والهجن، إلا من الخيل، لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: * (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) *.
وقال عز وجل: * (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو