والرسول) *. وذهب الإمام أحمد في طائفة من أهل العلم: إلى أن للإمام أن ينفل الربع بعد الخمس في بدأته، والثلث بعد الخمس في رجعته.
ومذهب أبي حنيفة. أن للإمام قبل إحراز الغنيمة أن ينفل الربع، أو الثلث، أو أكثر، أو أقل بعد الخمس، وبعد إحراز الغنيمة لا يجوز له التنفيل إلا من الخمس.
وقد قدمنا جملة الخلاف في هذه المسألة في أول هذه السورة الكريمة، ونحن الآن نذكر إن شاء الله ما يقتضي الدليل رجحانه.
اعلم أولا، أن التنفيل الذي اقتضى الدليل جوازه أقسام:
الأول: أن يقول الإمام لطائفة من الجيش. إن غنمتم من الكفار شيئا، فلكم منه كذا بعد إخراج خمسه، فهذا جائز، وله أن ينفلهم في حالة إقبال جيش المسلمين إلى الكفار الربع، وفي حالة رجوع جيش المسلمين إلى أوطانهم الثلث بعد إخراج الخمس.
ومالك وأصحابه يقولون. إن هذا لا يجوز. لأنه تسبب في إفساد نيات المجاهدين، لأنهم يصيرون مقاتلين من أجل المال الذي وعدهم الإمام تنفيله.
والدليل على جواز ذلك. ما رواه حبيب بن مسلمة بن مالك القرشي الفهري (أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع بعد الخمس في بدأته، ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته) أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، وصححه ابن حبان، والحاكم، وابن الجارود.
واعلم أن التحقيق في حبيب المذكور. أنه صحابي، وقال فيه ابن حجر في (التقريب) مختلف في صحبته، والراجح ثبوتها لكنه كان صغيرا، وله ذكر في (الصحيح) في حديث ابن عمر مع معاوية اه.
وقد روى عنه أبو داود هذا الحديث من ثلاثة أوجه.
منها: عن مكحول بن عبد الله الشامي، قال: كنت عبدا بمصر لامرأة من بني هذيل، فأعتقتني فما خرجت من مصروبها علم إلا حويت عليه، فيما أرى، ثم أتيت الحجاز، فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الشام فغربلتها، كل ذلك: أسأل عن النفل فلم أجد أحدا يخبرني فيه بشيء، حتى لقيت شيخا يقال له: زياد بن