المسلمين. فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه. فخر وعلاه فقتله. وحاز فرسه. وسلاحه. فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد. فأخذ السلب. قال عوف: فأتيته. فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قضى بالسلب للقاتل. قال. بلى ولكن استكثرته. قلت: لتردنه إليه، أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصصت عليه قصة المددي، وما فعل خالد، وذكر بقية الحديث بمعنى ما تقدم اه.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: (لا تعطه يا خالد) دليل على أنه لم يستحق السلب بمجرد القتل، إذ لو استحقه به، لما منعه منه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: ما ذكره ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن الأسود بن قيس، عن شبر بن علقمة قال: بارزت رجلا يوم القادسية، فقتلته، وأخذت سلبه، فأتيت سعدا، فخطب سعد أصحابه، ثم قال: هذا سلب بشر بن علقمة فهو خير من اثني عشر ألف درهم، وإنا قد نفلناه إياه.
فلو كان السلب للقاتل قضاء من النبي صلى الله عليه وسلم، لما أضاف الأمراء ذلك التنفيل إلى أنفسهم باجتهادهم، ولأخذه القاتل دون أمرهم، قاله القرطبي.
قال مقيده عفا الله عنه: أظهر القولين عندي دليلا، أن القاتل لا يستحق السلب إلا بإعطاء الإمام. لهذه الأدلة الصحيحة، التي ذكرنا فإن قيل: هي شاهدة لقول إسحاق: إن كان السلب يسيرا فهو للقاتل، ومن كان كثيرا خمس.
فالجواب: أن ظاهرها العموم مع أن سلب أبي جهل لم يكن فيه كثرة زائدة، وقد منع منه النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن عفراء.
تنبيه جعل بعض العلماء منشأ الخلاف في سلب القاتل، هل يحتاج إلى تنفيذ الإمام أو لا، هو الاختلاف في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل قتيلا) الحديث، هل هو حكم؟ وعليه فلا يعم بل يحتاج دائما إلى تنفيذ الإمام، أو هو فتوى؟ فيكون حكما عاما غير محتاج إلى تنفيذ الإمام.
قال صاحب (نشر البنود) شرح (مراقي السعود) في شرح قوله