أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٨٥
أجمع. قالوا: فلو كان السلب مستحقا له بمجرد قتله لما احتاج إلى تكرير هذا القول.
ومنها: حديث عبد الرحمن بن عوف، المتفق عليه في قصة قتل معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء الأنصاريين لأبي جهل يوم بدر. فإن فيه (ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ ا، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح اه.
قالوا: فتصريحه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، المتفق عليه، بأن كليهما قتله، ثم تخصيص أحدهما بسلبه، دون الآخر، صريح في أن القاتل لا يستحق السلب، إلا بقول الإمام: إنه له، إذ لو كان استحقاقه له بمجرد القتل لما كان لمنع معاذ بن عفراء وجه، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بأنه قتله مع معاذ بن عمرو، ولجعله بينهما.
ومنها: ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، عن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير، رجلا من العدو، فأراد سلبه، فمنعه خالد بن الوليد، وكان واليا عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلم عوف بن مالك فأخبره. فقال لخالد: (ما منعك أن تعطيه سلبه؟) قال: استكثرته يا رسول الله، قال: (ادفعه إليه)، فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فاستغضب فقال: لا تعطه يا خالد، لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي، إنما مثلكم ومثلهم، كمثل رجل استرعى إبلا، أو غنما فرعاها، ثم تحين سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه، فشربت صفوه، وتركت كدره، فصفوة لكم وكدره عليهم.
وفي رواية عند مسلم أيضا: عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة، في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من اليمن، وساق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، غير أنه قال في الحديث: قال عوف بن مالك: فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل، قال بلى، ولكني استكثرته، هذا لفظ مسلم في صحيحه.
وفي رواية عن عوف أيضا، عند الإمام أحمد وأبي داود قال خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من أهل اليمن، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له، أشقر، عليه سرج مذهب. وسلاح مذهب. فجعل الرومي يفري في
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»