أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٨٤
أحمد، وأبو داود عن ابن مسعود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفله سيف أبي جهل يوم بدر). لأنه من رواية ابنه أبي عبيدة، ولم يسمع منه، وكذلك المقدم للقتل صبرا لا يستحق قاتله سلبه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر بقتل النضر بن الحارث، العبدري، وعقبة بن أبي معيط الأموي صبرا يوم بدر ولم يعط من قتلهما شيئا من سلبهما.
واختلفوا فيمن أسر أسيرا: هل يستحق سلبه إلحاقا للأسر بالقتل أو لا؟ والظاهر أنه لا يستحقه، لعدم الدليل. فيجب استصحاب عموم * (واعلموا أنما غنمتم) * حتى يرد مخصص من كتاب أو سنة صحيحة، وقد أسر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون، أسارى بدر، وقتل بعضهم صبرا كما ذكرنا، ولم يعط أحدا من الذين أسروهم شيئا من أسلابهم، ولا من فدائهم بل جعل فداءهم غنيمة.
أما إذا قاتلت المرأة أو الصبي المسلمين: فالظاهر أن لمن قتل أحدهما سلبه، لأنه حينئذ ممن يجوز قتله، فيدخل في عموم (من قتل قتيلا) الحديث، وبهذا جزم غير واحد. والعلم عند الله تعالى.
واعلم أن العلماء اختلفوا في استحقاق القاتل السلب، هل يشترط فيه قول الإمام: (من قتل قتيلا فله سلبه) ا أو يستحقه مطلقا. قال الإمام ذلك أو لم يقله؟
وممن قال بهذا الأخير: الإمام أحمد، والشافعي، والأوزاعي، والليث، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والطبري، وابن المنذر.
وممن قال بالأول: الذي هو أنه لا يستحقه إلا بقول الإمام: (من قتل قتيلا) الخ الإمام أبو حنيفة، ومالك، والثوري.
وقد قدمنا عن مالك وأصحابه: أن قول الإمام ذلك: لا يجوز قبل القتال، لئلا يؤدي إلى فساد النية، ولكن بعد وقوع الواقع، يقول الإمام: من قتل قتيلا... الخ.
واحتج من قال: باستحقاق القاتل سلب المقتول مطلقا. بعموم الأدلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم. صرح بأن من قتل قتيلا فله سلبه، ولم يخصص بشيء. والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، كما علم في الأصول.
واحتج مالك، وأبو حنيفة، ومن وافقهما بأدلة:
منها: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سلمة بن الأكوع، المتفق عليه السابق ذكره، له سلبه
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»