استعارة أصلية كما ذكرنا. وفي الإذاقة المستعارة لمس ألم الجوع، والخوف استعارة تبعية.
وقد ألممنا هنا بطرف قليل من كلام البيانيين هنا ليفهم الناظر مرادهم، مع أن التحقيق الذي لا شك فيه: أن كل ذلك لا فائدة فيه، ولا طائل تحته، وأن العرب تطلق الإذاقة على الذوق وعلى غيره من وجود الألم واللذة، وأنها تطلق اللباس على المعروف، وتطلقه على غيره مما فيه معنى اللباس من الاشتمال. كقوله: * (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) *، وقول الأعشى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) *، وقول الأعشى:
* إذا ما الضجيع ثنى عطفها * تثنت عليه فكانت لباسا * وكلها أساليب عربية. ولا إشكال في أنه إذا أطلق اللباس على مؤثر مؤلم يحيط بالشخص إحاطة اللباس، فلا مانع من إيقاع الإذاقة على ذلك الألم المحيط المعبر باسم اللباس. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هاذا حلال وهاذا حرام لتفتروا على الله الكذب) *. نهى الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة الكفار عن تحريم ما أحل الله من رزقه، مما شرع لهم عمرو بن لحي (لعنه الله) من تحريم ما أحل الله.
وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة. كقوله: * (قل هلم شهدآءكم الذين يشهدون أن الله حرم هاذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم) *، وقوله: * (قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون) *، وقوله: * (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افترآء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) *، وقوله: * (وقالوا ما فى بطون هاذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا) *، وقوله: * (وقالوا هاذه أنعام وحرث حجر لا يطعمهآ إلا من نشآء بزعمهم) *. وقوله * (حجر) * أي حرام، إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم.
وفي قوله * (الكذب) * أوجه من الإعراب: أحدهما أنه منصوب ب * (تقولوا) * أي لا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من رزق الله بالحل والحرمة. كما ذكر في الآيات المذكورة آنفا من غير استناد ذلك الوصف إلى دليل. واللام مثلها في قولك: لا تقولوا لما أحل الله: هو حرام. وكقوله: * (ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات) *. وجملة * (هاذا حلال وهاذا