أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٧
عذاب أليم) * فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضرا إنك لجريءا) فاستسقى فسقوا. فنزلت * (إنكم عآئدون) * فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية. فأنزل الله عز وجل: * (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) * يعني يوم بدر.
باب قوله تعالى: * (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) * حدثنا يحيى، حدثنا وكيع عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: دخلت على عبد الله فقال: (إن من العلم أن تقول لما لا تعلم: والله أعلم، إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم * (قل مآ أسألكم عليه من أجر ومآ أنآ من المتكلفين) *) إن قريشا لما غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف) فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع قالوا. * (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) * فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا. فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر. فذلك قوله: * (يوم تأتى السمآء بدخان مبين) * إلى قوله جل ذكره * (إنا منتقمون) * انتهى بلفظه من صحيح البخاري.
وفي تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لهذه الآية الكريمة ما يدل دلالة واضحة أن ما أذيقت هذه القرية المذكورة في (سورة النحل) من لباس الجوع أذيقه أهل مكة، حتى أكلوا العظام، وصار الرجل منهم يتخيل له مثل الدخان من شدة الجوع. وهذا التفسير من ابن مسعود رضي الله عنه له حكم الرفع. لما تقرر في علم الحديث: من أن تفسير الصحابي المتعلق بسبب النزول له حكم الرفع. كما أشار له صاحب طلعة الأنوار بقوله: وفي تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لهذه الآية الكريمة ما يدل دلالة واضحة أن ما أذيقت هذه القرية المذكورة في (سورة النحل) من لباس الجوع أذيقه أهل مكة، حتى أكلوا العظام، وصار الرجل منهم يتخيل له مثل الدخان من شدة الجوع. وهذا التفسير من ابن مسعود رضي الله عنه له حكم الرفع. لما تقرر في علم الحديث: من أن تفسير الصحابي المتعلق بسبب النزول له حكم الرفع. كما أشار له صاحب طلعة الأنوار بقوله:
* تفسير صاحب له تعلق * بالسبب الرفع له محقق * وكما هو معروف عند أهل العلم. وقد قدمنا ذلك في (سورة البقرة) في الكلام: على قوله تعالى: * (فأتوهن من حيث أمركم الله) *.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن الدخان من أشراط الساعة. ولا مانع من حمل الآية الكريمة على الدخانين: الدخان الذي مضى، والدخان المستقبل جمعا بين الأدلة. وقد قدمنا أن التفسيرات المتعددة في الآية إن كان يمكن حمل الآية على جميعها فهو أولى. وقد قدمنا أن ذلك هو الذي حققه أبو العباس بن تيمية رحمه الله في رسالته، في علوم القرآن، بأدلته.
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»