أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٥
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم الأمر باتباع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.
وبين هذا أيضا في غير هذا الموضع كقوله: * (قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) *، وقوله: * (ياأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) * إلى قوله * (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) *، وقوله: * (قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم) *، إلى غير ذلك من الآيات. والملة: الشريعة. والحنيف: المائل عن كل دين باطل إلى دين الحق. وأصله من الحنف: وهو اعوجاج الرجلين. يقال: برجله حنف أي اعوجاج. ومنه قول أم الأحنف بن قيس ترقصه وهو صبي: قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم) *، إلى غير ذلك من الآيات. والملة: الشريعة. والحنيف: المائل عن كل دين باطل إلى دين الحق. وأصله من الحنف: وهو اعوجاج الرجلين. يقال: برجله حنف أي اعوجاج. ومنه قول أم الأحنف بن قيس ترقصه وهو صبي:
* والله لولا حنف برجله * ما كان في فتيانكم من مثله * وقوله * (حنيفا) * حال من المضاف إليه. على حد قول ابن مالك في الخلاصة: وقوله * (حنيفا) * حال من المضاف إليه. على حد قول ابن مالك في الخلاصة:
* ما كان جزء ما له أضيفا * أو مثل جزئه فلا تحيفا * لأن المضاف هنا وهو * (ملة) * كالجزء من المضاف إليه وهو * (إبراهيم) * لأنه لو حذف لبقي المعنى تاما. لأن قولنا: أن اتبع إبراهيم، كلام تام المعنى كما هو ظاهر، وهذا هو مراده بكونه مثل جزئه. قوله تعالى: * (وجادلهم بالتى هى أحسن) *. أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة: أن يجادل خصومه بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة: من إيضاح الحق بالرفق واللين. وعن مجاهد * (وجادلهم بالتى هى أحسن) * قال: أعرض عن أذاهم. وقد أشار إلى هذا المعنى في قوله: * (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلاهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون 11) * أي إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجادلهم بالسيف حتى يؤمنوا، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ونظير ما ذكر هنا من المجادلة بالتي هي أحسن: قوله لموسى وهارون في شأن فرعون * (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) *. ومن ذلك القول اللين: قول موسى له * (هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى) *. قوله تعالى: * (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أعلم بمن ضل عن سبيله. أي زاغ عن طريق الصواب
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 » »»