أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٢
حرام) * بدل من * (الكذب) * وقيل: إن الجملة المذكورة في محل نصب. * (تصف) * بتضمينها معنى تقول. أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول هذا حلال وهذا حرام. وقيل: * (الكذب) * مفعول به ل * (تصف) *. و * (ما) * مصدرية، وجملة * (هاذا حلال وهاذا حرام) * متعلقة ب * (لا تقولوا) * أي لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لو صف ألسنتكم الكذب. أي لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم، ويجول في أفواهكم. لا لأجل حجة وبينة قاله صاحب الكشاف. وقيل: * (الكذب) * بدل من هاء المفعول المحذوفة. أي لما تصفه ألسنتكم الكذب.
تنبيه كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتورعون عن قولهم: هذا حلال وهذا حرام. خوفا من هذه الآيات.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: قال الدارمي أبو محمد في مسنده: أخبرنا هارون، عن حفص، عن الأعمش قال: (ما سمعت إبراهيم قط يقول: حلال ولا حرام، ولكن كان يقول: كانوا يكرهون، وكانوا يستحبون).
وقال ابن وهب: قال مالك: لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقولوا إياكم كذا وكذا، ولم أكن لأصنع هذا. انتهى.
وقال الزمخشري: واللام في قوله * (لتفتروا على الله الكذب) * من التعليل الذي لا يتضمن معنى الفرض اه. وكثير من العلماء يقولون: هي لام العاقبة. والبيانيون يزعمون أن حرف التعليل كاللام إذا لم تقصد به علة غائية. كقوله: * (فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا) *، وقوله هنا: * (لتفتروا على الله الكذب) * أن في ذلك استعارة تبعية في معنى الحرف.
قال مقيده عفا الله عنه: بل كل ذلك من أساليب اللغة العربية. فمن أساليبها: الإتيان بحرف التعليل للدلالة على العلة الغائية. كقوله: * (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) *. ومن أساليبها الإتيان باللام للدلالة على ترتب أمر على أمر. كترتب المعلول على علته الغائية. وهذا الأخير كقوله: * (فالتقطه ءال فرعون
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»