في الآية في ذلك. فإذا صرح النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يوم خيبر في حديث صحيح (بأن لحوم الحمر الأهلية غير مباحة) فلا معارضة البتة بين ذلك الحديث الصحيح وبيت تلك الآية النازلة قبله بسنين. لأن الحديث دل على تحريم جديد، والآية ما نفت تجدد شيء في المستقبل كما هو واضح.
فالتحقيق إن شاء الله هو جواز نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه، وإن خالف فيه جمهور الأصوليين، ودرج على خلافه وفاقا الجمهور صاحب المراقي بقوله: فالتحقيق إن شاء الله هو جواز نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه، وإن خالف فيه جمهور الأصوليين، ودرج على خلافه وفاقا الجمهور صاحب المراقي بقوله:
* والنسخ بالآحاد للكتاب * ليس بواقع على الصواب * ومن هنا تعلم أنه لا دليل على بطلان قول من قال: إن الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بحديث (لا وصية لوارث). والعلم عند الله تعالى.
المسألة السابعة اعلم أن التحقيق هو جواز النسخ قبل التمكن من الفعل. فإن قيل: ما الفائدة في تشريع الحكم أولا إذا كان سينسخ قبل التمكن من فعله؟
فالجواب أن الحكمة ابتلاء المكلفين بالعزم على الامتثال. ويوضح هذا أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ولده، وقد نسخ عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل. وبين أن الحكمة في ذلك: الابتلاء بقوله: * (إن هاذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم) * ومن أمثلة النسخ قبل التمكن من الفعل: نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء، بعد أن فرضت الصلاة خمسين صلاة، كما هو معروف. وقد أشار إلى هذه المسألة في مراقي السعود بقوله: وفديناه بذبح عظيم) * ومن أمثلة النسخ قبل التمكن من الفعل: نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء، بعد أن فرضت الصلاة خمسين صلاة، كما هو معروف. وقد أشار إلى هذه المسألة في مراقي السعود بقوله:
* والنسخ من قبل وقوع الفعل * جاء وقوعا في صحيح النقل * المسألة الثامنة اعلم أن التحقيق: أنه ما كل زيادة على النص تكون نسخا، وإن خالف في ذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله. بل الزيادة على النص قسمان: قسم مخالف النص المذكور قبله، وهذه الزيادة تكون نسخا على التحقيق. كزيادة تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع مثلا، على المحرمات الأربعة المذكورة في آية: * (قل لا أجد فى مآ أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه) *. لأن الحمر الأهلية ونحوها لم يسكت عن حكمه في الآية، بل مقتضى الحصر بالنفي والإثبات في قوله: * (فى مآ أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون) * صريح في إباحة الحمر الأهلية وما ذكر معها. فكون زيادة تحريمها نسخا أمر ظاهر.
وقسم لا تكون الزيادة فيه مخالفة للنص، بل تكون زيادة شيء سكت عنه النص الأول، وهذا لا يكون نسخا، بل بيان حكم شيء كان مسكوتا عنه. كتغريب الزاني البكر، وكالحكم بالشاهد، واليمين في الأموال. فإن القرآن في الأول أوجب الجلد وسكت عما سواه، فزاد النبي حكما كان مسكوتا عنه، وهو التغريب. كما أن القرآن في الثاني فيه * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) *. وسكت عن حكم الشاهد واليمين، فزاد النبي صلى الله عليه وسلم حكما كان مسكوتا عنه. وإلى هذا أشار في مراقي السعود بقوله: حكما كان مسكوتا عنه. وإلى هذا أشار في مراقي السعود بقوله:
* وليس نسخا كل ما أفادا * فيما رسا بالنص إلا زديادا * وقد قدمنا (في الأنعام) في الكلام على قوله: * (قل لا أجد فى مآ أوحى إلى) *. * (قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين ءامنوا وهدى وبشرى للمسلمين * ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهاذا لسان عربى مبين * إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم * إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولائك هم الكاذبون * من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولاكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذالك بأنهم استحبوا الحيواة الدنيا على الا خرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين * أولائك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولائك هم الغافلون * لا جرم أنهم فى الا خرة هم الخاسرون * ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم * يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون * وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جآءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون * فكلوا مما رزقكم الله حللا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون * إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم) * قوله تعالى: * (قل نزله روح القدس من ربك بالحق) *. أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة: أن يقول إن هذا القرآن الذي زعموا أنه افتراء بسبب تبديل الله آية مكان آية أنه نزله عليه روح القدس من ربه جل وعلا. فليس مفتريا له. وروح القدس: جبريل، ومعناه الروح المقدس. أي الطاهر من كل ما لا يليق.
وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: * (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) *، وقوله: * (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الا مين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربى مبين) *، وقوله: * (ولا تعجل بالقرءان من قبل إن يقضى إليك وحيه) *، وقوله: * (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأناه فاتبع قرءانه) *، إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) *. أقسم جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يعلم أن الكفار يقولون: إن هذا القرآن الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليس وحيا من الله، وإنما تعلمه من بشر من الناس.
وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله: * (وقالوا أساطير الا ولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا) *، وقوله: * (إن هاذآ إلا سحر يؤثر) *