أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٥
يميلون عن الحق إلى الباطل. وأما * (يلحدون) * التي في (الأعراف، والتي في فصلت) فلم يقرأهما بفتح الياء والحاء إلا حمزة وحده دون الكسائي. وإنما وافقه الكسائي في هذه التي في (النحل) وأطلق اللسان على القرآن لأن العرب تطلق اللسان وتريد به الكلام. فتؤنثها وتذكرها. ومنه قول أعشى باهلة: وقوله في هذه الآية الكريمة: * (يلحدون) * أي يميلون عن الحق. والمعنى لسان البشر الذي يلحدون، أي يميلون قولهم عن الصدق والاستقامة إليه أعجمي غير بين، وهذا القرآن لسان عربي مبين، أي ذو بيان وفصاحة. وقرأ هذا الحرف حمزة والكسائي * (يلحدون) * بفتح الياء والحاء، من لحد الثلاثي. وقرأه الباقون * (يلحدون) * بضم الياء والحاء، من لحد الثلائي. وقرأه الباقون * (يلحدون) * بضم الياء وكسر الحاء من ألحد الرباعي، وهما لغتان، والمعنى واحد. أي يميلون عن الحق إلى الباطل. وأما * (يلحدون) * التي في (الأعراف، والتي في فصلت) فلم يقرأهما بفتح الياء والحاء إلا حمزة وحده دون الكسائي. وإنما وافقه الكسائي في هذه التي في (النحل) وأطلق اللسان على القرآن لأن العرب تطلق اللسان وتريد به الكلام. فتؤنثها وتذكرها. ومنه قول أعشى باهلة:
* إني أتتني لسان لا أسر بها * من علو لا عجب فيها ولا سخر * وقول الآخر:
* لسان الشر تهديها إلينا * وخنت وما حسبتك أن تخونا * وقول الآخر: وقول الآخر:
* أتتني لسان بني عامر * أحاديثها بعد قول نكر * ومنه قوله تعالى: * (واجعل لى لسان صدق فى الا خرين) * أي ثناء حسنا باقيا. ومن إطلاق اللسان بمعنى الكلام مذكرا قول الحطيئة: واجعل لى لسان صدق فى الا خرين) * أي ثناء حسنا باقيا. ومن إطلاق اللسان بمعنى الكلام مذكرا قول الحطيئة:
* ندمت على لسان فات مني * فليت بأنه في جوف عكم * وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جآءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون) *. قال بعض أهل العلم: (إن هذا مثل ضربه الله لأهل مكة)، وهو رواية العوفي عن ابن عباس، وإليه ذهب مجاهد وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحكاه مالك عن الزهري رحمهم الله، نقله عنهم ابن كثير وغيره.
وهذه الصفات المذكورة التي اتصفت بها هذه القرية تتفق مع صفات أهل مكة المذكورة في القرآن. فقوله عن هذه القرية * (كانت ءامنة مطمئنة) * قال نظيره عن أهل مكة. كقوله: * (أولم نمكن لهم حرما ءامنا) *، وقوله: * (أولم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا ويتخطف الناس من حولهم) *، وقوله: * (وءامنهم من خوف) *، وقوله: * (ومن دخله كان ءامنا) *، وقوله: * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) *، وقوله: * (يأتيها رزقها رغدا من كل مكان) * قال نظيره عن أهل مكة أيضا. كقوله: * (يجبى إليه ثمرات كل شىء) *، وقوله: * (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»