أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣١٥
بإيضاح النبي صلى الله عليه وسلم لذلك في الحديث الصحيح.
قال البخاري في صحيحه في تفسير هذه الآية الكريمة: حدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيت فقال: (ما منعك أن تأتيني) فقلت: كنت أصلي. فقال: (ألم يقل الله * (معرضون يأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول) * ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد) فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرته فقال: * (الحمد لله رب العالمين) * هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيه). حدثنا آدم حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم).
فهذا نص صحيح من النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم: فاتحة الكتاب، وبه تعلم أن قول من قال إنها السبع الطوال غير صحيح، إذ لا كلام لأحد معه صلى الله عليه وسلم. ومما يدل على عدم صحة ذلك القول: أن آية الحجر هذه مكية، وأن السبع الطوال ما أنزلت إلا بالمدينة. والعلم عند الله تعالى.
وقيل لها (مثاني) لأنها تثنى قراءتها في الصلاة.
وقيل لها (سبع) لأنها سبع آيات.
وقيل لها (القرآن العظيم) لأنها هي أعظم سورة. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المذكور آنفا.
وإنما عطف القرآن العظيم على السبع المثاني مع أن المراد بهما واحد وهو الفاتحة لما علم في اللغة العربية: من أن الشيء الواحد إذا ذكر بصفتين مختلفتين جاز عطف إحداهما على الأخرى تنزيلا لتغابر الصفات منزلة تغابر الذوات. ومنه قوله تعالى: * (سبح اسم ربك الاعلى الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى والذى أخرج المرعى) *، وقول الشاعر: والذى أخرج المرعى) *، وقول الشاعر:
* إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) *. لما بين تعالى أنه آتى النبي صلى الله عليه وسلم السبع المثاني والقرآن العظيم، وذلك أكبر نصيب، وأعظم حظ عند الله تعالى،
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»