أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (رأيت النار فلم أرى منظرا كاليوم قط أفظع) اه.
وعرض النار عليه صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته دليل على عدم الكراهة، لأنه لم يقطع.
وقد دل بعض الروايات الثابتة في الصحيح على أن النار عرضت عليه من جهة وجهه لا من جهة اليمين ولا الشمال، ففي بعض الروايات الصحيحة أنهم قالوا له بعد أن انصرف: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت أي تأخرت إلى خلف؟ وفي جوابه: أن ذلك بسبب كونه أرى النار.. إلخ.
فهذا هو حاصل كلام العلماء في الأماكن التي ورد نهي عن الصلاة فيها، التي لها مناسبة بآية الحجر التي نحن بصددها والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (وءاتيناهم ءاياتنا فكانوا عنها معرضين) *. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه آتى أصحاب الحجر وهم ثمود آياته فكانوا عنها معرضين. والإعراض: الصدود عن الشيء وعدم الالتفات إليه. كأنه مشتق من العرض بالضم وهو الجانب. لأن المعرض لا يولي وجهه بل يثنى عطفه ملتفتا صادا.
ولم يبين جل وعلا هنا شيئا من تلك الآيات التي آتاهم، ولا كيفية إعراضهم عنها، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر. فبين أن من أعظم الآيات التي آتاهم: تلك الناقة التي أخرجها الله لهم. بل قال بعض العلماء: إن في الناقة المذكورة آيات جمة: كخروجها عشراء، وبراء، جوفاء من صخرة صماء، وسرعة ولادتها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعا، وكثرة شربها. كما قال تعالى: * (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) * وقال: * (ونبئهم أن المآء قسمة بينهم كل شرب محتضر) *.
فإذا علمت ذلك فاعلم أن مما يبين قوله تعالى: * (وءاتيناهم ءاياتنا) * قوله: * (فأت بأاية إن كنت من الصادقين قال هاذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) *. وقوله: * (قد جآءتكم بينة من ربكم هاذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء) *. وقوله: * (وءاتينا ثمود الناقة مبصرة) *. وقوله: * (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر) * وقوله: * (وياقوم هاذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) * إلى غير ذلك من الآيات
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»