أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣١٨
الكاذبة، كقوله تعالى: * (وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون) *، وقوله: * (فقال إن هاذآ إلا سحر يؤثر) *، وقوله: * (إن هاذا إلا اختلاق) *، وقوله: * (وإذا قيل لهم ماذآ أنزل ربكم قالوا أساطير الا ولين) *، وقوله: * (وقالوا أساطير الا ولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا) * إلى غير ذلك من الآيات. والقرينة في الآية الكريمة تؤيد هذا القول الثالث ولا تنافي الثاني بخلاف الأول. لأن قوله * (الذين جعلوا القرءان عضين) * أظهر في القول الثالث، لجعلهم له أعضاء متفرقة بحسب اختلاف أقوالهم الكاذبة، كقولهم: شعر، سحر، كهانة الخ.
وعلى أنهم أهل الكتاب فالمراد بالقرآن كتبهم التي جزؤوها فآمنوا ببعضها وكفروا ببعضها، أو القرآن لأنهم آمنوا بما وافق هواههم منه وكفروا بغيره.
وقوله * (عضين) * جمع عضة، وهي العضو من الشيء، أي جعلوه أعضاء متفرقة. واللام المحذوفة أصلها واو. قال بعض العلماء: اللام المحذوفة أصلها هاء، وعليه فأصل العضة عضهة. والعضه السحر. فعلى هذا القول فالمعنى جعلوا القرآن سحرا. كقوله: * (إن هاذآ إلا سحر يؤثر) *، وقوله: * (قالوا سحران تظاهرا) * إلى غير ذلك من الآيات.
والعرب تسمي الساحر عاضها، والساحرة عاضهة. والسحر عضها. ويقال: إن ذلك لغة قريش. ومنه قول الشاعر: والعرب تسمي الساحر عاضها، والساحرة عاضهة. والسحر عضها. ويقال: إن ذلك لغة قريش. ومنه قول الشاعر:
* أعوذ بربي من النافثا * ت في عقد العاضه المعضه * تنبيه فإن قيل: بم تتعلق الكاف في قوله * (كمآ أنزلنا على المقتسمين) *؟
فالجواب ما ذكره الزمخشري في كشافه قال: فإن قلت بم تعلق قوله * (كمآ أنزلنا) * قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يتعلق بقوله: * (ولقد ءاتيناك) * أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب، وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين، حيث قالوا بعنادهم وعدوانهم: بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما، فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه. وقيل: كانوا يستهزؤون به فيقول
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»