أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣١٩
بعضهم: (سورة البقرة) لي، ويقول الآخر: (سورة آل عمران) لي (إلى أن قال) الوجه الثاني أن يتعلق بقوله: * (وقل إنى أنا النذير المبين) * أي وأنذر قريشا مثل ما أنزلناه من العذاب على المقتسمين (يعني اليهود) وهو ما جرى على قريظة والنضير. جعل المتوقع بمنزلة الواقع وهو من الإعجاز، لأنه إخبار بما سيكون، وقد كان انتهى محل الغرض من كلام صاحب الكشاف.
ونقل كلامه بتمامه أبو حيان في (البحر المحيط) ثم قال أبو حيان:
أما الوجه الأول وهو تعلق * (كما) * ب * (ءاتيناك) * فذكره أبو البقاء على تقدير، وهو أن يكون في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره: آتيناك سبعا من المثاني إيتاء كما أنزلنا، أو إنزالا كما أنزلنا. لأن (آتيناك) بمعنى أنزلنا عليك. قوله تعالى: * (فاصدع بما تؤمر) *. أي فاجهر به وأظهره. من قولهم: صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا، كقولك: صرح بها.
وهذه الآية الكريمة أمر الله فيها نبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أمر به علنا في غير خفاء ولا مواربة. وأوضح هذا المعنى في مواضع كثيرة، كقوله * (يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك) *.
وقد شهد له تعالى بأنه امتثل ذلك الأمر فبلغ على أكمل وجه في مواضع أخر. كقوله: * (والدم ولحم الخنزير ومآ أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومآ أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالا زلام ذالكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم) *، وقوله: * (فتول عنهم فمآ أنت بملوم) * إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه قوله: * (فاصدع) * قال بعض العلماء: أصله من الصدع بمعنى الإظهار، ومنه قولهم: انصدع الصبح: انشق عنه الليل. والصديع: الفجر لانصداعه، ومنه قول عمرو بن معد يكرب: فاصدع) * قال بعض العلماء: أصله من الصدع بمعنى الإظهار، ومنه قولهم: انصدع الصبح: انشق عنه الليل. والصديع: الفجر لانصداعه، ومنه قول عمرو بن معد يكرب:
* ترى السرحان مفترشا يديه * كأن بياض لبته صديع * أي فجر والمعنى على هذا القول: أظهر ما تؤمر به وبلغه علنا على رؤوس الأشهاد وتقول العرب: صدعت الشيء: أظهرته. ومنه قول أبي ذؤيب
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»