أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣١٤
الجاهلون قالوا سلاما) *، وقوله: * (سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين) *، وقوله: * (فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره) *. إلى غير ذلك من الآيات.
وقال بعض العلماء: هذا الأمر بالصفح منسوخ بآيات السيف. وقيل: هو غير منسوخ. والمراد به حسن المخالفة، وهي المعاملة بحسن الخلق.
قال الجوهري في صحاحه: والخلق والخلق: السجية، يقال: خالص المؤمن، وخالق الفاجر. * (إن ربك هو الخلاق العليم * ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني والقرءان العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين * وقل إنى أنا النذير المبين * كمآ أنزلنا على المقتسمين * الذين جعلوا القرءان عضين * فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون * فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) * قوله تعالى: * (إن ربك هو الخلاق العليم) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه الخلاق العليم. والخلاق والعليم: كلاهما صيغة مبالغة.
والآية تشير إلى أنه لا يمكن أن يتصف الخلاق بكونه خلاقا إلا وهو عليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء، إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه أن يخلقه.
وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم) *، وقوله: * (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) *، وقوله: * (ثم استوى إلى السمآء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شىء عليم) *، وقوله: * (الله الذى خلق سبع سماوات ومن الا رض مثلهن يتنزل الا مر بينهن لتعلموا أن الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علما) *، وقوله تعالى مجيبا للكفار لما أنكروا البعث وقالوا: * (أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) * مبينا أن العالم بما تمزق في الأرض من أجسادهم قادر على إحيائهم: * (قد علمنا ما تنقص الا رض منهم وعندنا كتاب حفيظ) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني والقرءان العظيم) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أتى نبيه صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني والقرآن العظيم. ولم يبين هنا المراد بذلك.
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن الآية الكريمة إن كان لها بيان في كتاب الله غير واف بالمقصود، أننا نتمم ذلك البيان من السنة، فنبين الكتاب بالسنة من حيث إنها بيان للقرآن المبين باسم الفاعل. فإذا علمت ذلك فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين في الحدث الصحيح: أن المراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم في هذه الآية الكريمة: هو فاتحة الكتاب. ففاتحة الكتاب مبينة للمراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم، وإنما بينت ذلك
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»