فيهن نورا) * فالنور المجعول فيهن هو القمر بعينه، فلا يفهم من الآية بحسب الوضع اللغوي احتمال خروج نفس القمر عن السبع الطباق، وكون المجعول فيها مطلق نوره. لأنه لو أريد ذلك لقيل: وجعل نور القمر فيهن أما قوله: * (وجعل القمر فيهن نورا) * فهو صريح في أن النور المجعول فيهن هو عين القمر، ولا يجوز صرف القرآن عن معناه المتبادر بلا دليل يجب الرجوع إليه، وبوضح ذلك أنه تعالى صرح في سورة الفرقان بأن القمر في خصوص السماء ذات البروج بقوله: * (تبارك الذى جعل فى السمآء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) * وصرح في سورة الحجر بأن ذات البروج المنصوص على أن القمر فيها هي بعينها المحفوظة من كل شيطان رجيم بقوله: * (ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم) * وما يزعمه بعض الناس من أنه جل وعلا أشار إلى الاتصال بين أهل السماء والأرض في قوله: * (ومن ءاياته خلق السماوات والا رض وما بث فيهما من دآبة وهو على جمعهم إذا يشآء قدير) * يقال فيه: إن المراد جمعهم يوم القيامة في المحشر، كما أطبق عليه المفسرون. ويدل له قوله تعالى: * (وما من دآبة فى الا رض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون) *.
ويوضح ذلك تسمية يوم القيامة يوم الجمع في قوله تعالى: * (يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن) *. وكثرة الآيات الدالة على أن جمع جميع الخلائق كائن يوم القيامة، كقوله: * (إن فى ذالك لآية لمن خاف عذاب الا خرة ذالك يوم مجموع له الناس وذالك يوم مشهود) * وقوله: * (قل إن الا ولين والا خرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) * وقوله: * (الله لا إلاه إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) * وقوله: * (ويوم تشقق السمآء بالغمام ونزل الملئكة تنزيلا) * وقوله * (وجآء ربك والملك صفا صفا) * وقوله * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) *.
مع أن بعض العلماء قال: المراد ما بث من الدواب في الأرض فقط، فيكون من إطلاق المجموع مرادا بعضه، وهو كثير من القرآن وفي لسان العرب، وبعضهم قال: المراد بدواب السماء الملائكة زاعما أن الدبيب يطلق على كل حركة.
قال مقيده عفا الله عنه: ظاهر الآية الكريمة أن الله بث في السماء دواب كما بث في