أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
إلى أهل الأرض سيصعدون إلى السماوات واحدة بعد أخرى بقوله: * (لتركبن طبقا عن طبق) * زاعما أن معنى الآية الكريمة لتركبن أيها الناس طبقا أي سماء عن طبق أي بعد سماء حتى تصعدوا فوق السماوات فهو أيضا جهل بكتاب الله وحمل له على غير ما يراد به.
اعلم أولا أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين مشهورتين إحداهما لتركبن بفتح الباء وبها قرأ من السبعة ابن كثير وحمزة والكسائي وعلى هذه القراءة ففي فاعل لتركبن ثلاثة أوجه معروفة عند العلماء الأول وهو أشهرها أن الفاعل ضمير الخطاب الواقع على النبي صلى الله عليه وسلم أي لتركبن أنت يا نبي الله طبقا عن طبق أي بعد طبق أي حالا بعد حال أي فترتقي في الدرجات درجة بعد درجة والطبق في لغة العرب الحال ومنه قول الأقرع بن حابس التميمي. أي لتركبن أنت يا نبي الله طبقا عن طبق أي بعد طبق أي حالا بعد حال أي فترتقي في الدرجات درجة بعد درجة والطبق في لغة العرب الحال ومنه قول الأقرع بن حابس التميمي.
* إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره * وساقني طبق منها إلى طبق * وقول الآخر:
* كذلك المرء إن ينسأ له أجل * يركب على طبق من بعده طبق * أي: حال بعد حال في البيتين وقال ابن مسعود والشعبي ومجاهد وابن عباس في إحدى الروايتين والكلبي وغيرهم لتركبن طبقا عن طبق أي لتصعدن يا محمد سماء بعد سماء وقد وقع ذلك ليلة الإسراء والثاني أن الفاعل ضمير السماء أي لتركبن هي أي السماء طبقا بعد طبق أي لتنتقلن السماء من حال إلى حال أي تصير تارة كالدهان وتارة كالمهل وتارة تتشقق بالغمام وتارة تطوى كطي السجل للكتب، والثالث أن الفاعل ضمير يعود إلى الإنسان المذكور في قوله * (ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا) * أي لتركبن أيها الإنسان حالا بعد حال من صغر إلى كبر ومن صحة إلى سقم كالعكس ومن غنى إلى فقر كالعكس ومن موت إلى حياة كالعكس ومن هول من أهوال القيامة إلى آخر وهكذا، والقراءة الثانية وبها قرأ من السبعة نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم لتركبن بضم الباء وهو خطاب عام للناس
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»