وقوله: * (أمرها وزينا السمآء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) * إلى غير ذلك من الآيات.
وصرح بأن من أراد استراق السمع أتبعه شهاب راصد له في مواضع أخر كقوله: * (فمن يستمع الا ن يجد له شهابا رصدا) * وقوله: * (إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين) * وقوله: * (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) * وقال: * (إنهم عن السمع لمعزولون) * وقال: * (أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين) * وهو تعجيز دال على عجز البشر عن ذلك عجزا مطلقا، وقال: * (أم لهم م لك السماوات والا رض وما بينهما فليرتقوا فى الا سباب جند ما هنالك مهزوم من الا حزاب) * فقوله في هذه الآية الكريمة: * (فليرتقوا فى الا سباب) *، أي فليصعدوا في أسباب السماوات التي توصل إليها. وصيغة الأمر في قوله: * (فليرتقوا) * للتعجيز وإيرادها للتعجيز دليل على عجز البشر عن ذلك عجزا مطلقا. وقوله جل وعلا بعد ذلك التعجيز: * (جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب) * يفهم منه أنه لو تنطع جند من الأحزاب للارتقاء في أسباب السماء أنه يرجع مهزوما صاغرا داخرا ذليلا، ومما يدل على أن الآية الكريمة يشار فيها إلى شيء ما كان يظنه الناس وقت نزولها إبهامه جل وعلا لذلك الجند بلفظة ما في قوله: * (فى ما) * وإشارته إلى مكان ذلك الجند أو مكان انهزامه إشارة البعيد في قوله: * (هنالك) * ولم يتقدم في الآية ما يظهر رجوع الإشارة إليه إلا الارتقاء في أسباب السماوات.
فالآية الكريمة يفهم منها ما ذكرنا، ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء، بل عبارات المفسرين تدور على أن الجند المذكور الكفار الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم سوف يهزمهم، وأن ذلك تحقق يوم بدر أو يوم فتح مكة، ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه وعجائبه متجددة على مر الليالي والأيام، ففي كل حين تفهم منه أشياء لم تكن مفهومة من قبل، ويدل لذلك حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيح أنه لما سأل عليا رضي الله عنه هل خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال له علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله وما في الصحيفة الحديث فقوله رضي الله عنه: إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله يدل على أن فهم كتاب ال