سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان) * إلى غير ذلك من الآيات. والاستثناء في هذه الآية الكريمة في قوله: * (إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين) *. قال بعض العلماء هو استثناء منقطع وجزم به الفخر الرازي أي لكن من استرق السمع أي الخطفة اليسيرة فإنه يتبعه شهاب فيحرقه كقوله تعالى: * (ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) * وقيل: الاستثناء متصل أي حفظنا السماء من الشياطين أن تسمع شيئا من الوحي وغيره إلا من استرق السمع فإنا لم نحفظها من أن تسمع لخير من أخبار السماء سوى الوحي، فأما الوحي فلا تسمع منه شيئا لقوله تعالى: * (إنهم عن السمع لمعزولون) * قاله القرطبي، ونظيره * (إلا من خطف) * فإن استثناء من الواو في قوله تعالى: * (لا يسمعون إلى الملإ) *.
تنبيه يؤخذ من هذه الآيات التي ذكرنا أن كل ما يتمشدق به أصحاب الأقمار الصناعية من أنهم سيصلون إلى السماء ويبنون على القمر، كله كذب وشقشقة لا طائل تحتها ومن اليقين الذي لا شك فيه أنهم سيقفون عند حدهم ويرجعون خاسئين أذلاء عاجزين * (ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) * ووجه دلالة الآيات المذكورة على ذلك أن اللسان العربي الذي نزل به القرآن يطلق اسم الشيطان على كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب ومنه قوله تعالى: * (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون) *، وقوله: * (وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) * ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (الكلب الأسود شيطان) وقول جرير:: (الكلب الأسود شيطان) وقول جرير:
* أيام يدعونني الشيطان من غزلي * وكن يهوينني إذ كنت شيطانا * ولا شك أن أصحاب الأقمار الصناعية يدخلون في اسم الشياطين دخولا أوليا لعتوهم وتمردهم. وإذا علمت ذلك فاعلم أنه تعالى صرح بحفظ السماء من كل شيطان كائنا من كان في عدد آيات من كتابه كقوله هنا: * (وحفظناها من كل شيطان رجيم) *