أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٦
لحافظون) * راجع إلى الذكر الذي هو القرآن. وقيل الضمير راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كقوله: * (والله يعصمك من الناس) * والأول هو الحق كما يتبادر من ظاهر السياق. قوله تعالى: * (ولقد جعلنا فى السماء بروجا) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه جعل في السماء بروجا ذكر هذا أيضا في مواضع أخر كقوله: * (تبارك الذى جعل فى السمآء بروجا) * وقوله تعالى: * (والسمآء ذات البروج) *، والبروج جمع برج.
واختلف العلماء في المراد بالبروج في الآيات المذكورة فقال بعضهم: البروج الكواكب، وممن روي عنه هذا القول مجاهد وقتادة. وعن أبي صالح: أنها الكواكب العظام، وقيل: هي قصور في السماء عليها الحرس. وممن قال به: عطية، وقيل: هي منازل الشمس والقمر قاله ابن عباس. وأسماء هذه البروج الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت.
قال مقيده عفا الله عنه: أطلق تعالى في سورة النساء البروج على القصور الحصينة في قوله: * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة) * ومرجع الأقوال كلها إلى شيء واحد. لأن أصل البروج في اللغة الظهور ومنه تبرج المرأة بإظهار زينتها فالكواكب ظاهرة والقصور ظاهرة ومنازل القمر والشمس كالقصور بجامع أن الكل محل ينزل فيه، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (وزيناها للناظرين) *. صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه زين السماء للناظرين وبين في مواضع أخر أنه زينها بالنجوم، وأنها السماء الدنيا كقوله: * (ولقد زينا السمآء الدنيا بمصابيح) *، وقوله: * (إنا زينا السمآء الدنيا بزينة الكواكب) *. قوله تعالى: * (وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين) *. صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه حفظ السماء من كل شيطان رجيم وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: * (وحفظا من كل شيطان مارد) * وقوله: * (وجعلناها رجوما للشياطين) * وقوله: * (فمن يستمع الا ن يجد له شهابا رصدا) * وقوله: * (إنهم عن السمع لمعزولون) * وقوله: * (أم لهم
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»