أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
* تعدون عقر النيب:
* البيت المتقدم آنفا * قائلا إن مراده توبيخهم على ترك عد الكمي المقنع في الماضي. قوله تعالى: * (ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ما ينزل الملائكة إلا بالحق أي بالوحي وقيل بالعذاب، وقال الزمخشري: (إلا تنزيلا متلبسا بالحكمة والمصلحة ولا حكمة في أن تأتيكم الملائكة عيانا تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار) قال: (ومثل هذا قوله تعالى: * (وما خلقنا السماوات والا رض وما بينهمآ إلا بالحق) * وبين تعالى في هذه الآية الكريمة أنهم لو نزلت عليهم الملائكة، ما كانوا منظرين وذلك في قوله: * (وما كانوا إذا منظرين) * لأن التنوين في قوله إذا عوض عن جملة، ففيه شرط وجزاء، وتقدير المعنى ولو نزلت عليهم الملائكة ما كانوا منظرين أي ممهلين بتأخير العذاب عنهم وقد بين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: * (يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين) * وقوله: * (ولو أنزلنا ملكا لقضى الا مر ثم لا ينظرون) * إلى غير ذلك من الآيات. وقوله: * (ما ننزل الملائكة) * قرأه حفص وحمزة والكسائي: ننزل بنونين، الأولى مضمومة والثانية مفتوحة مع كسر الزاي المشددة، والملائكة بالنصب مفعول به لننزل. وقرأ شعبة: ننزل بنون مضمومة ونون مفتوحة مع تشديد الزاي مفتوحة بالبناء للمفعول، والملائكة بالرفع نائب فاعل ننزل. وقرأ الباقون: تنزل بفتح التاء والنون والزاي المشددة أصله تتنزل فحذفت إحدى التاءين، والملائكة بالرفع فاعل تنزل كقوله: * (تنزل الملائكة والروح) *. قوله تعالى: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي نزل القرآن العظيم وأنه حافظ له من أن يزاد فيه أو ينقص أو يتغير منه شيء أو يبدل، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: * (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) * وقوله: * (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه) * إلى قوله: * (ثم إن علينا بيانه) * وهذا هو الصحيح في معنى هذه الآية أن الضمير في قوله: * (وإنا له
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»