ذلك أخفوا به عملهم على الله جل وعلا. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: * (ليستخفوا منه) *.
وقرأ ابن عباس هذه الآية الكريمة ألا إنهم تثنوني صدورهم) وتثنوني مضارع اثنوني، ووزنه افعوعل من الثني كما تقول احلولى من الحلاوة وصدورهم (في قراءة ابن عباس بالرفع فاعل تثنوني، والضمير في قوله (منه) عائد إلى الله تعالى في أظهر القولين. وقيل: راجع إليه صلى الله عليه وسلم كما مر في الأقوال في الآية. * (وهو الذى خلق السماوات والا رض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هاذآ إلا سحر مبين * ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون * ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور * ولئن أذقناه نعمآء بعد ضرآء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولائك لهم مغفرة وأجر كبير * فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضآئق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جآء معه ملك إنمآ أنت نذير والله على كل شىء وكيل * أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنمآ أنزل بعلم الله وأن لا إلاه إلا هو فهل أنتم مسلمون * من كان يريد الحيواة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولائك الذين ليس لهم فى الا خرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون * أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولائك يؤمنون به ومن يكفر به من الا حزاب فالنار موعده فلا تك فى مرية منه إنه الحق من ربك ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون * ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولائك يعرضون على ربهم ويقول الا شهاد هاؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالا خرة هم كافرون) * قوله تعالى: * (وهو الذى خلق السماوات والا رض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) *. صرح في هذه الآية الكريمة أنه خلق السماوات والأرض لحكمة ابتلاء الخلق، ولم يخلقهما عبثا ولا باطلا. ونزه نفسه تعالى عن ذلك، وصرح بأن من ظن ذلك فهو من الذين كفروا وهددهم بالنار، قال تعالى: * (وما خلقنا السمآء والا رض وما بينهما باطلا ذالك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) * وقال تعالى: * (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إلاه إلا هو رب العرش الكريم) * وقال * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) *، وقال: * (الذى خلق الموت والحيواة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) *. المراد بالأمة هنا: المدة من الزمن. ونظيره قوله تعالى: * (وقال الذى نجا منهما وادكر بعد أمة) *. أي تذكر بعد مدة.
تنبيه استعمل لفظ * (الأمة) * في القرآن أربعة استعمالات:
الأول: هو ما ذكرنا هنا من استعمال الأمة في البرهة من الزمن.
الثاني: استعمالها في الجماعة من الناس، وهو الاستعمال الغالب، كقوله * (وجد عليه أمة من الناس يسقون) *، وقوله: * (ولكل أمة رسول) *، وقوله * (كان الناس أمة) *، إلى غير ذلك من الآيات.
الثالث: استعمال * (الأمة) * في الرجل المقتدى به. كقوله: * (إن إبراهيم كان أمة) *