أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ١٤١
ومذهب أحمد رحمه الله: أن الدين يمنع الزكاة في الأموال الباطنة، التي هي الذهب والفضة، وعروض التجارة، وهذا لا خلاف فيه عنه، وهو قول عطاء، وسليمان بن يسار، وميمون بن مهران، والحسن، والنخعي، والليث، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقد قدمنا نحوه عن مالك رحمه الله.
وقال ربيعة، وحماد بن أبي سليمان: لا يمنع الدين الزكاة في الأموال الباطنة، وقد قدمناه عن الشافعي، في جديد قوليه.
وأما الأموال الظاهرة. وهي السائمة والثمار والحبوب، فقد اختلفت فيها الرواية، عن أحمد رحمه الله، فروي عنه. أن الدين يمنع الزكاة فيها أيضا كالأموال الباطنة، وعنه في رواية إسحاق بن إبراهيم، يبتدئ بالدين فيقضيه، ثم ينظر ما بقي عنده بعد إخراج النفقة، فيزكي ما بقي.
ولا يكون على أحد دينه أكثر من ماله صدقة في إبل أو بقر أو غنم أو زرع، ولا زكاة. وبهذا قال: عطاء، والحسن، وسليمان، وميمون بن مهران، والنخعي، والثوري، والليث، وإسحاق.
وروي أن الدين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة، وبه قال الأوزاعي، وقد قدمناه عن الشافعي في (الجديد) وهو قول مالك.
إذا عرفت أقوال العلماء في زكاة الدين، وهل هو مانع من الزكاة؟ ا فاعلم أن اختلافهم في الدين، هل يزكي قبل القبض، وهل إذا لم يزكه قبل القبض يكفي زكاة سنة واحدة؟ ا أو لا بد من زكاته لما مضى من السنين؟ ا الظاهر فيه أنه من الاختلاف في تحقيق المناط، هل القدرة على التحصيل كالحصول بالفعل أو لا؟ ا ونعلم في زكاة الدين نصا من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا كون الدين مانعا من وجوب الزكاة على المدين إن كان يستغرق أو ينقص النصاب، إلا آثارا وردت عن بعض السلف.
منها ما رواه مالك في (الموطأ) عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، عن عثمان بن عفان: أنه كان يقول: هذا شهر زكاتكم. فمن كان عليه دين فليؤد دينه، حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة.
ومنها ما رواه مالك في (الموطأ) أيضا عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»