ومن الأحاديث الدالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، ما أخرجه أبو داود في (سننه) عن سمرة بن جندب الفزاري رضي الله عنه، قال: (أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع)، وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله، ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنهد. وقد قال ابن حجر في (التلخيص) في هذا الحديث: رواه أبو داود والدارقطني والبزار، من حديث سليمان بن سمرة عن أبيه وفي إسناده جهالة، اه.
قال مقيده عفا الله عنه في إسناد هذا الحديث، عند أبي داود حبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب. وهو مجهول. وفيه جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، وهو ليس بالقوي، وفيه سليمان بن موسى الزهري أبو داود، وفيه لين، ولكنه يعتضد بما قدمنا من حديث أبي ذر، ويعتضد أيضا بما ثبت عن أبي عمرو بن حماس، أن أباه حماسا قال: مررت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعلى عنقي أدم أحملها، فقال: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ فقال: ما لي غير هذا، وأهب في القرظ قال: ذلك مال فضع، فوضعها بين يديه، فحسبها فوجدت قد وجبت فيها الزكاة فأخذ منها الزكاة، قال ابن حجر في (التلخيص) في هذا الأثر، رواه الشافعي، عن سفيان، حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي عمرو بن حماس أن أباه قال: مررت بعمر بن الخطاب. فذكره، ورواه أحمد، وابن أبي شيبة وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، عن يحيى بن سعيد به، ورواه الدارقطني، من حديث حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه نحوه، ورواه الشافعي أيضا عن سفيان، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه، اه.
وحماس بكسر الحاء وتخفيف الميم وآخره سين مهملة، فقد رأيت ثبوت أخذ الزكاة من عروض التجارة عن عمر، ولم يعلم له مخالف من الصحابة. وهذا النوع يسمى إجماعا سكوتيا، وهو حجة عند أكثر العلماء، ويؤيده أيضا ما رواه البيهقي، عن ابن عمر: (أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، من كتابه أنبأ أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة. حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا أحمد بن حنبل. حدثنا حفص بن غياث. حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة اه