أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
عمر بن عبد العزيز: أنه كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما، يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين: ثم عقب بعد ذلك بكتاب ألا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة، فإنه كان ضمارا اه: وهو بكسر الضاد: أي غائبا عن ربه لا يقدر على أخذه ولا يعرف موضعه.
المسألة السادسة: في زكاة المعادن والركاز.
اعلم أن العلماء أجمعوا على وجوب إخراج حق شرعي من المعادن في الجملة، لكن وقع بينهم الاختلاف في بعض الصور لذلك، فقال قوم: لا يجب في شيء من المعادن الزكاة، إلا الذهب والفضة خاصة، فإذا أخرج من المعدن عشرين مثقالا من الذهب، أو مائتي درهم من الفضة، وجب عليه إخراج ربع العشر من ذلك من حين إخراجه، ولا يستقبل به حولا.
وممن قال بهذا: مالك، والشافعي، ومذهب الإمام أحمد كمذهبهما. إلا أنه يوجب الزكاة في جميع المعادن من ذهب، وفضة، وزئبق، ورصاص، وصفر، وحديد، وياقوت، وزبرجد، ولؤلؤ، وعقيق وسبج، وكحل، وزجاج، وزرنيخ، ومغرة، ونحو ذلك، وكذلك المعادن الجارية، كالقار، والنفط، ونحوهما، ويقوم بمائتي درهم أو عشرين مثقالا، ما عدا الذهب والفضة، فجميع المعادن عنده تزكى، واللازم فيها ربع العشر.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله، إلى أن المعدن من جملة الركاز. ففيه عنده الخمس، وهو عنده الذهب والفضة، وما ينطبع كالحديد والصفر والرصاص في أشهر الروايتين، ولا يشترط عنده النصاب في المعدن والركاز.
وممن قال بلزوم العشر في المعدن: عمر بن عبد العزيز، وحجة من قال بوجوب الزكاة في جميع المعادن، عموم قوله تعالى * (وممآ أخرجنا لكم من الا رض) *.
وحجة من قال بوجوبها في معدن الذهب والفضة فقط: أن الأصل عدم وجوب الزكاة، فلم تجب في غير الذهب والفضة للنص عليهما دون غيرهما، واحتجوا أيضا بحديث لا زكاة في حجر، وهو حديث ضعيف، قال فيه ابن حجر في (التلخيص) رواه ابن عدي، من حديث عمر بن أبي عمر الكلاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، ورواه البيهقي، من طريقه، وتابعه عثمان الوقاصي، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، كلاهما عن عمرو بن شعيب، وهما متروكان. اه. وعمر بن أبي عمر الكلاعي ضعيف، من
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»