أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
والثاني: لأبي علي بن أبي هريرة، لا تجب فيه الزكاة، فإذا قبضه استقبل به الحول والأول أصح، قاله صاحب المهذب.
أما إذا كان الدين ماشية كأربعين من الغنم، أو غير لازم كدين الكتابة. فلا تجب فيه الزكاة اتفاقا عندهم. وإن كان عليه دين مستغرق، أو لم يبق بعده كمال النصاب فقال الشافعي في (القديم): يسقط الدين المستغرق، أو الذي ينقص به المال عن النصاب وجوب الزكاة، لأن الملك فيه غير مستقر لأنه ربما أخذه الحاكم لحق الغرماء، وقال في (الجديد): تجب الزكاة ولا يسقطها الدين لاختلاف جهتهما، لأن الزكاة تتعلق بعين المال والدين يتعلق بالذمة، وإن حجر عليه ففيه خلاف كثير.
أصحه عند الشافعية: أنه يجري على حكم زكاة المغصوب، وقد قدمنا حكمه، وللشافعية قول ثالث، وهو أن الدين يمنع الزكاة في الأموال الباطنة وهي الذهب والفضة، وعروض التجارة، ولا يمنعها في الظاهرة وهي الزروع والثمار والمواشي والمعادن.
والفرق أن الأموال الظاهرة نامية بنفسها بخلاف الباطنة، وهذا هو مذهب مالك كما تقدم، ودين الآدمي ودين الله عندهم سواء في منع وجوب الزكاة، ومذهب الإمام أحمد رحمه الله: أن من كان له دين على ملىء مقربه غير مماطل فليس عليه إخراج زكاته حتى يقبضه، فإن قبضه أدى زكاته فيما مضى من السنين.
وروي نحوه عن علي رضي الله عنه، وبه قال: الثوري، وأبو ثور، وأبو حنيفة، وأصحابه، وقال: عثمان وابن عمر وجابر، رضي الله عنهم، وطاوس والنخعي وجابر بن زيد والحسن، وميمون بن مهران والزهري وقتادة، وحماد بن أبي سليمان وإسحاق وأبو عبيد، عليه إخراج زكاته في الحال، لأنه قادر على قبضه.
وقد قدمنا أنه قول مالك والشافعي، فإن كان الدين على معسر، أو جاحد، أو مماطل، فروايتان.
أحدهما: لا تجب فيه الزكاة، وهو قول قتادة، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل العراق، لأنه غير مقدور على الانتفاع به.
والثانية: يزكيه إذا قبضه لما مضى، وهو قول الثوري، وأبي عبيد، وعن عمر بن عبد العزيز، والحسن، والليث، والأوزاعي، يزكيه إذا قبضه لعام واحد، وهذا هو قول مالك.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»