أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٥٠
وقال بعض العلماء: لا يجوز قطع اليابس منه واستدلوا له بأن استثناء الإذخر إشارة إلى تحريم اليابس وبأن في بعض طرق حديث أبي هريرة: ولا يحتش حشيشها والحشيش في اللغة: اليابس من العشب ولا شك أن تركه أحوط.
واختلف أيضا في جواز ترك البهائم ترعى فيه فمنعه أبو حنيفة وروي نحوه عن مالك وفيه عن أحمد روايتان ومذهب الشافعي جوازه واحتج من منعه بأن ما حرم اتلافه لم يجز أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد واحتج من أجازه بأمرين:
الأول: حديث ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فدخلت في الصف وأرسلت الأتان ترتع متفق عليه ومنى من الحرم.
الثاني: أن الهدي كان يدخل الحرم بكثرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن أصحابه ولم ينقل عن أحد الأمر بسد أفواه الهدي عن الأكل من نبات الحرم. وهذا القول أظهر والله تعالى أعلم.
وممن قال به عطاء واختلف في أخذ الورق والمساويك من شجر الحرم إذا كان أخذ الورق بغير ضرب يضر بالشجرة فمنعه بعض العلماء لعموم الأدلة وأجازه الشافعي لأنه لا ضرر فيه على الشجرة وروي عن عطاء وعمرو بن دينار أنهما رخصا في ورق السنا للاستمشاء بدون نزع أصله والأحوط ترك ذلك كله والظاهر أن من أجازه استدل لذلك بقياسه على الإذخر بجامع الحاجة.
وقال ابن قدامة في (المغني): ولا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان وانقلع من الشجر بغير فعل ءادمي ولا ما سقط من الورق نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافا لأن الخبر إنما ورد في القطع وهذا لم يقطع فأما إن قطعه ءادمي قفال أحمد: لم أسمع إذا قطع أنه ينتفع به وقال في الدوحة تقطع من شبهه بالصيد لم ينتفع بحطبها وذلك لأنه ممنوع من اتلافه لحرمة الحرم فإذا قطعه من يحرم عليه قطعه لم ينتفع به كالصيد يذبحه المحرم.
ويحتمل أن يباح لغير القاطع الانتفاع به لأنه انقطع بغير فعله فأبيح له الانتفاع به كما لو قطعه حيوان بهيمي ويفارق الصيد الذي ذبحه لأن الذكاة تعتبر لها الأهلية ولهذا لا تحصل بفعل بهيمة بخلاف هذا اه.
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»