يرسله رواه مسلم في صحيحه أيضا وعن عبد الله بن عبادة الزرقي أنه كان يصيد العصافير في بئر إهاب وكانت لهم قال: فرآني عبادة وقد أخذت عصفورا فانتزعه مني فأرسله وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة وكان عبادة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البيهقي.
وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: اصطدت طيرا بالقنبلة فخرجت به في يدي فلقيني أبي عبد الرحمان بن عوف فقال: ما هذا في يدك؟ فقلت:
طير اصطدته بالقنبلة فعرك أذني عركا شديدا وانتزعه من يدي فأرسله فقال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم صيد ما بين لابتيها رواه البيهقي أيضا والقنبلة: آلة يصاد بها النهس وهو طائر.
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه قال مالك: ولا أعلم إلا أنه قال: أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا رواه البيهقي أيضا.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه وجد رجلا بالأسواف وهو موضع بالمدينة وقد اصطاد نهسا فأخذه زيد من يده فأرسله ثم قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم صيد ما بين لابتيها رواه البيهقي والرجل الذي اصطاد النهس هو شرحبيل بن سعد والنهس بضم النون وفتح الهاء بعدهما سين مهملة طير صغير فوق العصفور شبيه بالقنبرة.
والأحاديث في الباب كثيرة جدا ولا شك في أن النصوص الصحيحة الصريحة التي أوردنا في حرم المدينة لا شك معها ولا لبس في أنها حرام لا ينفر صيدها ولا يقطع شجرها ولا يختلي خلاها إلا لعلف وما احتج به بعض أهل العلم على أنها غير حرام من قوله صلى الله عليه وسلم ما فعل النعير يا أبا عمير لا دليل فيه لأنه محتمل لأن يكون ذلك قبل تحريم المدينة ومحتمل المدينة ومتحمل لأن يكون صيد في الحل ثم أدخل المدينة.
وقد استدل به بعض العلماء على جواز إمساك الصيد الذي صيد في الحل وإدخاله المدينة وما كان محتملا لهذه الاحتمالات لا تعارض به النصوص الصريحة الصحيحة الكثيرة التي لا لبس فيها ولا احتمال فإذا علمت ذلك فاعلم أن العلماء القائلين بحرمة المدينة وهم جمهور علماء الأمة اختلفوا في صيد حرم المدينة هل يضمنه قاتله أو لا؟