أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٥٨
قوله: * (يا أيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى الآية قوله تعالى) *.
* (الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) * صرح في هذه الآية الكريمة بأن الله ولي المؤمنين وصرح في آية أخرى بأنه وليهم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليهم وأن بعضهم أولياء بعض وذلك في قوله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية) * وقال: * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) * وصرح في موضع آخر بخصوص هذه الولاية للمسلمين دون الكافرين وهو قوله تعالى: * (ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) * وصرح في موضع آخر بأن نبيه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * وبين في آية البقرة هذه ثمرة ولايته تعالى للمؤمنين وهي إخراجه لهم من الظلمات إلى النور بقوله تعالى: * (الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) * وبين في موضع آخر أن من ثمرة ولايته إذهاب الخوف والحزن عن أوليائه وبين أن ولايتهم له تعالى بإيمانهن وتقواهم وذلك في قوله تعالى: * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين ءامنوا وكانوا يتقون) * وصرح في موضع آخر أنه تعالى ولي نبيه صلى الله عليه وسلم وأنه أيضا يتولى الصالحين وهو قوله تعالى: * (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) *.
يخرجهم من الظلمات إلى النور المراد بالظلمات الضلالة وبالنور الهدى وهذه الآية يفهم منها أن طرق الضلال متعددة؛ لجمعه الظلمات وأن طريق الحق واحدة؛ لإفراده النور وهذا المعنى المشار إليه هنا بينه تعالى في مواضع أخر كقوله: * (وأن هاذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) *.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ما نصه: ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات؛ لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة كما قال: * (وأن هاذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) * وقال تعالى: * (وجعل الظلمات والنور) * وقال تعالى: * (عن اليمين وعن الشمال عزين) * إلى غير ذلك من الآيات التي في لفظها إشعار بتفرد
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»