أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٥٥
الأرض والرسول من الله جل ثناؤه إلى ولده فغير جائز أن يكون معنيا وهو الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: * (فإما يأتينكم منى هدى) * أي: رسل اه محل الحجة منه بلفظه وفيه وفي كلام ابن كثير المتقدم عن صحيح ابن حبان التصريح بأن آدم رسول وهو مشكل مع ما ثبت في حديث الشفاعة المتفق عليه من أن نوحا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أول الرسل ويشهد له قوله تعالى: * (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) * والظاهر أنه لا طريق للجمع إلا من وجهين:
الأول: أن آدم أرسل لزوجه وذريته في الجنة ونوح أول رسول أرسل في الأرض ويدل لهذا الجمع ما ثبت في الصحيحين وغيرهما ويقول: ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض الحديث. فقوله: إلى أهل الأرض لو لم يرد به الاحتراز عن رسول بعث لغير أهل الأرض لكان ذلك الكلام حشوا بل يفهم من مفهوم مخالفته ما ذكرنا. ويتأنس له بكلام ابن عطية الذي قدمنا نقل القرطبي له.
الوجه الثاني: أن آدم أرسل إلى ذريته وهم على الفطرة لم يصدر منهم كفر فأطاعوه ونوح هو أول رسول أرسل لقوم كافرين ينهاهم عن الإشراك بالله تعالى ويأمرهم بإخلاص العبادة له وحده ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: * (وما كان الناس إلا أمة واحدة) *. أي: على الدين الحنيف أي حتى كفر قوم نوح وقوله: * (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين) *. والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: * (ورفع بعضهم درجات) * أشار في مواضع أخر إلى أن منهم محمدا صلى الله عليه وسلم كقوله: * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * أو قوله: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * وقوله: * (إني رسول الله إليكم جميعا) * وقوله: * (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) * وأشار في مواضع أخر إلى أن منهم إبراهيم كقوله: * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * وقوله: * (إني جاعلك للناس إماما) * إلى غير ذلك من الآيات.
وأشار في موضع آخر إلى أن منهم داود وهو قوله: * (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا) * وأشار في موضع آخر إلى أن منهم إدريس
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»