وقال في الذين كانوا يتزوجون أزواج آبائهم قبل التحريم: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * أي: لكن ما سلف قبل التحريم فلا جناح عليكم فيه ونظيره قوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) *.
وقال في الصيد قبل التحريم: * (عفا الله عما سلف) *.
وقال في الصلاة إلى بيت المقدس قبل نسخ استقباله: * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أي: صلاتكم إلى بيت المقدس قبل النسخ.
ومن أصرح الأدلة في هذا المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لما استغفروا لقربائهم الموتى من المشركين وأنزل الله تعالى: * (ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) * وندموا على استغفارهم للمشركين أنزل الله في ذلك: * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) * فصرح بأنه لا يضلهم بفعل أمر إلا بعد بيان اتقائه. * (يمحق الله الربوا صرح في هذه الآية الكريمة بأنه يمحق الربا أي: يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به كما قاله ابن كثير وغيره وما ذكر هنا من محق الربا أشار إليه في مواضع أخر كقوله: * (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله) * وقوله: * (قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) * وقوله: * (ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم) * كما أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسير هذه الآية.
واعلم أن الله صرح بتحريم الربا بقوله: * (وحرم الربا) * وصرح بأن المتعامل بالربا محارب الله بقوله: * (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) *.
وصرح بأن آكل الربا لا يقوم أي: من قبره يوم القيامة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بقوله: * (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه