الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل) * الربا والأحاديث في ذلك كثيرة جدا.
واعلم أن الربا منه ما أجمع المسلمون على منعه ولم يخالف فيه أحد وذلك كربا الجاهلية وهو أن يزيده في الأجل على أن يزيده الآخر في قدر الدين وربا النساء بين الذهب والذهب والفضة والفضة وبين الذهب والفضة وبين البر والبر وبين الشعير والشعير وبين التمر والتمر وبين الملح والملح وكذلك بين هذه الأربعة بعضها مع بعض.
وكذلك حكى غير واحد الإجماع على تحريم ربا الفضل بين كل واحد من الستة المذكورة فلا يجوز الفضل بين الذهب والذهب ولا بين الفضة والفضة ولا بين البر والبر ولا بين الشعير والشعير ولا بين التمر والتمر ولا بين الملح والملح ولو يدا بيد.
والحق الذي لا شك فيه منع ربا الفضل في النوع الواحد من الأصناف الستة المذكورة فإن قيل: ثبت في الصحيح عن ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ربا إلا في النسيئة وثبت في الصحيح عن أبي المنهال أنه قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال: ما كان منه يدا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا؛ فالجواب من أوجه: الأول: أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بجواز الفضل ومنع النسيئة فيما رواه عنه أسامة والبراء وزيد إنما هو في جنسين مختلفين بدليل الروايات الصحيحة المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل وأنه في الجنس الواحد ممنوع.
واختار هذا الوجه البيهقي في السنن الكبرى فإنه قال بعد أن ساق الحديث الذي ذكرنا آنفا عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم ما نصه: رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم دون ذكر عامر بن مصعب وأخرجه من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج مع ذكر عامر بن مصعب وأخرجه مسلم بن الحجاج عن محمد بن حاتم بن ميمون عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال قال: باع شريك لي ورقا بنسيئة إلى الموسم أو إلى الحج فذكره وبمعناه رواه البخاري