تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ١٤٦
* (: (123 - 126) * (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون * إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين * بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين * وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) * ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال إلى آخر القصة وذلك يوم أحد حين خرج صلى الله عليه وسلم بالمسلمين حين وصل المشركون بجمعهم إلى قريب من أحد فنزلهم صلى الله عليه وسلم منازلهم ورتبهم في مقاعدهم ونظمهم تنظيما عجيبا يدل على كمال رأيه وبراعته الكاملة في فنون السياسة والحرب كما كان كاملا في كل المقامات والله سميع عليم لا يخفى عليه شيء من أموركم إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا وهم بنو سلمة وبنو حارثة لكن تولاهما الباري بلطفه ورعايته وتوفيقه وعلى الله فليتوكل المؤمنون فإنهم إذا توكلوا عليه كفاهم وأعانهم وعصمهم من وقوع ما يضرهم في دينهم ودنياهم وفي هذه الآية ونحوها وجوب التوكل وأنه على حسب إيمان العبد يكون توكله والتوكل هو اعتماد العبد على ربه في حصول منافعه ودفع مضاره فلما ذكر حالهم في أحد وما جرى عليهم من المصيبة أدخل فيها تذكيرهم بنصره ونعمته عليهم يوم بدر ليكونوا شاكرين لربهم وليخفف هذا فقال ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة في عددكم وعدتكم فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر في قلة ظهر ورثاثة سلاح وأعداؤهم يناهزون الألف في كمال العدة والسلاح فاتقوا الله لعلكم تشكرون الذي أنعم عليكم بنصره إذ تقول مبشرا للمؤمنين مثبتا لجنانهم * (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين * بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا) * أي: من حملتهم هذه بهذا الوجه * (يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) * أي: معلمين علامة الشجعان واختلف الناس هل كان هذا الإمداد حصل فيه من الملائكة مباشرة للقتال كما قاله بعضهم أو أن ذلك تثبيت من الله لعباده المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب المشركين كما قاله كثير من المفسرين ويدل عليه قوله: * () * * (وما جعله الله) * * (إلا بشرى) * (لكم) * (ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز) * الحكيم وفي هذا أن الأسباب لا يعتمد عليها العبد بل يعتمد على الله وإنما الأسباب وتوفرها فيها طمأنينة للقلوب وثبات كل على الخير) * (127) * (ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين) * أي: نصر الله لعباده المؤمنين لا يعدو أن يكون قطعا لطرف من الكفار أو ينقلبوا بغيظهم لم ينالوا خيرا كما أرجعهم يوم الخندق بعدما كانوا قد أتوا على حرد قادرين أرجعهم الله بغيظهم خائبين (128 - 129) * (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون لما أصيب صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكسرت رباعيته وشج في رأسه جعل يقول كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته فأنزل الله تعالى هذه الآية وبين أن الأمر كله لله وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيء لأنه عبد من عبيد الله والجميع تحت عبودية ربهم مدبرون لا مدبرون وهؤلاء الذين دعوت عليهم أيها الرسول أو استبعدت فلاحهم وهدايتهم إن شاء الله تاب عليهم ووفقهم للدخول في الإسلام وقد فعل فإن أكثر أولئك هداهم الله فأسلموا وإن شاء الله عذبهم فإنهم ظالمون مستحقون لعقوبات الله وعذابه * ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»