بين حالة المستقيمين منهم وأن منهم * (أمة مقيمين لأصول الدين وفروعه * (يؤمنون بالله واليوم الآخر) * * (ويأمرون بالمعروف وهو الخير كله وينهون عن المنكر) * وهو جميع الشر) * كما قال تعالى: * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون و يسارعون في الخيرات والمسارعة إلى الخيرات قدر زائد على مجرد فعلها فهو وصف لهم بفعل الخيرات والمبادرة إليها وتكميلها بكل ما تم به من واجب ومستحب ثم بين تعالى أن كل ما فعلوه من خير قليل أو كثير فإن الله سيقبله حيث كان صادرا عن إيمان وإخلاص فلن يكفروه يعني لن ينكر ما عملوه ولن يهدر والله عليم بالمتقين وهم الذين قاموا بالخيرات وتركوا المحرمات لقصد رضا الله وطلب ثوابه) * (116 - 117) * (إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون) * بين تعالى أن الكفار والذين كفروا بآيات الله وكذبوا رسله أنه لا ينقذهم من عذاب الله منقذ ولا ينفعهم نافع ولا يشفع لهم عند الله شافع وأن أموالهم وأولادهم التي كانوا يعدونها للشدائد والمكاره لا تفيدهم شيئا وأن نفقاتهم التي أنفقوها في الدنيا لنصر باطلهم ستضمحل وأن مثلها كمثل حرث أصابته ريح شديدة فيها صر أي: برد شديد أو نار محرقة فأهلكت ذلك الحرث وذلك بظلمهم فلم يظلمهم الله ويعاقبهم بغير ذنب وإنما ظلموا أنفسهم وهذه كقوله تعالى: * (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فيسنفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) * * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * هآأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور * إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط) * هذا تحدير من الله لعباده عن ولاية الكفار واتخاذهم بطانة أو خصيصة وأصدقاء يسرون إليهم ويفضون لهم بأسرار المؤمنين فوضح لعباده المؤمنين الأمور الموجبة للبراءة من اتخاذهم بطانة بأنهم * (لا يألونكم خبالا) * أي هم حريصون غير مقصرين في إيصال الضرر بكم وقد بدت البغضاء من كلامهم وفلتات ألسنتهم وما تخفيه صدورهم من البغضاء والعداوة أكبر مما ظهر لكم من أقوالهم وأفعالهم فإن كانت لكم فهوم وعقول فقد وضح الله لكم أمرهم وأيضا فما الموجب لمحبتهم واتخاذهم أولياء وبطانة وقد تعلمون منهم الانحراف العظيم في الدين وفي مقابلة إحسانكم فأنتم مستقيمون على أديان الرسل تؤمنون بكل رسول أرسله الله وبكل كتاب أنزله الله وهم يكفرون بأجل الكتب وأشرف الرسل وأنتم تبذلون لهم من الشفقة والمحبة ما: لا يكافئونكم على أقل القليل منه فكيف
(١٤٤)