تعالى: * (يدخلهم الجنات ويفيض عليهم أنواع الكرامات وهم فيها خالدون) * * (وتسود وجوه أهل الشقاوة الذين كذبوا رسله وعصوا أمره وفرقوا دينهم شيعا وأنهم يوبخون) * فيقال لهم: * (أكفرتم بعد إيمانكم) * فكيف اخترتم الكفر على الإيمان؟ * (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) *: * (تلك آيات الله نتلوها) * * (عليك بالحق) *: * (وما الله يريد ظلما للعالمين) *: (109) * (ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور) * يثني تعالى على ما قصه على نبيه من آياته التي حصل بها الفرقان بين الحق والباطل وبين أولياء الله وأعدائه وما أعده لهؤلاء من الثواب وللآخرين من العقاب وأن ذلك مقتضى فضله وعدله وحكمته وأنه لم يظلم عباده ولم ينقصهم من أعمالهم أو يعذب أحدا بغير ذنبه أو يحمل عليه وزر غيره ولما ذكر أن له الأمر والشرع ذكر أن له تمام الملك والتصرف والسلطان فقال ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور فيجازي المحسنين بإحسانهم والمسيئين بعصيانهم وكثيرا ما يذكر الله أحكامه الثلاثة مجتمعة ليبين لعباده أنه الحاكم المطلق فله الأحكام القدرية والأحكام الشرعية والأحكام الجزائية فهو الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة ومن سواه من المخلوقات محكوم عليها ليس لها من الأمر شيء (110 - 112) * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون * لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون هذا تفضيل من الله لهذه الأمة بهذه الأسباب التي تميزوا بها وفاقوا بها سائر الأمم وأنهم خير الناس للناس نصحا ومحبة للخير ودعوة وتعليما وإرشادا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وجمعا بين تكميل الخلق والسعي في منافعهم بحسب الإمكان وبين تكميل النفس بالإيمان بالله والقيام بحقوق الإيمان وأن أهل الكتاب لو آمنوا بمثل ما آمنتم به لاهتدوا وكان خيرا لهم ولكن لم يؤمن منهم إلا القليل وأما الكثير فهم فاسقون خارجون عن طاعة الله وطاعة رسوله محاربون للمؤمنين ساعون في إضرارهم بكل مقدورهم ومع ذلك فلن يضروا المؤمنين إلا أذى باللسان وإلا فلو قاتلوهم لولوا الأدبار ثم لا ينصرون وقد وقع ما أخبر الله به فإنهم لما قاتلوا المسلمين ولوا الأدبار ونصر الله المسلمين عليهم * ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) * هذا إخبار * (من الله تعالى أن اليهود ضربت عليهم الذلة فهم خائفون أينما ثقفوا ولا يؤمنهم شيء إلا معاهدة وسبب يأمنون به يرضخون لأحكام الإسلام ويعترفون بالجزية أو بحبل من الناس) * أي إذا كانوا تحت ولاية غيرهم ونظارتهم كما شوهد حالهم سابقا ولاحقا فإنهم لم يتمكنوا في الوقت الأخير من الملك المؤقت في فلسطين إلا بنصر الدول الكبرى وتمهيدها لهم كل سبب وباؤوا * (بغضب من الله) * أي قد غضب الله عليهم وعاقبهم بالذلة والمسكنة والسبب في: * (ذلك كفرهم بآيات الله) * وقتلهم الأنبياء بغير حق) * أي: ليس ذلك عن جهل وإنما هو بغي وعناد تلك العقوبات المتنوعة عليهم بما عصوا وكانوا يعتدون فالله تعالى لم يظلمهم ويعاقبهم بغير ذنب وإنما الذي أجراه عليهم بسبب بغيهم وعدوانهم وكفرهم وتكذيبهم للرسل وجناياتهم الفظيعة: (113 - 115) * (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين * وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين) * لما ذكر الله المنحرفين من أهل الكتاب
(١٤٣)