* (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) * فإن الإشارة فيه إلى قوله تعالى: * (لو أنزلنا) * الخ وإلى أمثاله، فالكلام بتقدير وقوع تلك، أو المراد تلك وأشباهها والأمثال في الأغلب تمثيلات متخيلة.
* (هو الله الذى لا إلاه إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمان الرحيم) *.
* (هو الله الذي لا إلاه إلا هو) * وحده سبحانه * (عالم الغيب) * وهو ما لم يتعلق به علم مخلوق وإحساسه أصلا وهو الغيب المطلق * (والشهادة) * وهو ما يشاهده مخلوق.
قال الراغب: الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة، وقد يعتبر الحضور مفردا لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى، وحمل الغيب على المطلق هو المتبادر، وأل فيه للاستغراق إذ لا قرينة للعهد، ومقام المدح يقتضيه مع قوله تعالى: * (علام الغيوب) * فيشمل كل غيب واجبا كان أو ممكنا موجودا أو معدوما أو ممتنعا لم يتعلق به علم مخلوق، ويطلق الغيب على ما لم يتعلق به علم مخلوق معين وهو الغيب المضاف أي الغيب بالنسبة إلى ذلك المخلوق وهو على ما قيل: مراد الفقهاء في قولهم: مدعي علم الغيب كافر، وهذا قد يكون من عالم الشهادة كما لا يخفى، وذكر الشهادة مع أنه إذا كان كل غيب معلوما له تعالى كان كل شهادة معلوما له سبحانه بالطريق الأولى من باب قوله عز وجل: * (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) *، وقيل: الغيب ما لا يقع عليه الحس من المعدوم أو الموجود الذي لا يدرك، والشهادة ما يقع عليه الإدراك بالحس.
وقال الإمام أبو جعفر رضي الله تعالى عنه: الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان، وقال الحسن: الغيب السر. والشهادة العلانية، وقيل: الأول: الدنيا بما فيها. والثاني: الآخرة بما فيها، وقيل: الأول: الجواهر المجردة وأحوالها. والثاني: الأجرام والأجسام وأعراضها، وفيه أن في ثبوت المجردات خلافا قويا، وأكثر السلف على نفيها، وتقديم الغيب لأن العلم به كالدليل على العلم بالشهادة، وقيل: لتقدمه على الشهادة فإن كل شهادة كان غيبا وما برز ما برز إلا من خزائن الغيب، وصاحب القيل الأخير يقول: إن تقديم الغيب لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به، واستدل بالآية على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات، ووجهه ما أشرنا إليه، وتتضمن على ما قيل: دليلا آخر عليه لأنها تدل على أنه لا معبود إلا هو ويلزمه أن يكون سبحانه خالقا لكل شيء بالاختيار كما هو الواقع في نفس الأمر، والخلق بالاختيار يستحيل بدون العلم، ومن هنا قيل: الاستدلال بها على هذا المطلب أولى من الاستدلال بقوله تعالى: * (والله بكل شيء عليم) * * (هو الرحمان الرحيم) * برحمة تليق بذاته سبحانه، والتأويل وإن ذكره علماء أجلاء من الماتريدية. والأشاعرة لا يحتاج إليه سلفي كما حقق في التمييز وغيره.
* (هو الله الذى لا إلاه إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون) *.
* (هو الله الذي لا إلاه إلا هو) * كرر لإبراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد * (الملك) * المتصرف بالأمر والنهي، أو المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها، أو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل عليه الإذلال، أو الذي يولي ويعزل ولا يتصور عليه تولية ولا عزل. أو المنفرد بالعز والسلطان، أو ذو الملك والملك خلقه، أو القادر أقوال حكاها الآمدي، وحكى الأخير عن القاضي أبي بكر * (القدوس) * البليغ في النزاهة عما يوجب نقصانا، أو الذي له الكمال في كل وصف اختص به، أو الذي لا يحد ولا يتصور، وقرأ أبو السمال. وأبو دينار الأعرابي * (القدوس) * بفتح القاف وهو لغة فيه لكنها نادرة، فقد قالوا: فعول بالضم كثير، وأما بالفتح فيأتي