تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٥٧
وعرفه حق المعرفة، ثم قيل: * (لقد رأى من آيات) * الخ تنبيها على أن ما عد منها فهو أيضا نفي للضلالة والغواية وتحقيق للدراية والهداية.
وقوله تعالى: * (أفرأيتم) * عطف على تمارونه وإدخال الهمزة لزيادة الإنكار والفاء لأن القول بأمثاله مسبب عن الطبع والعناد وعدم الإصغاء لداعي الحق، والمعنى أبعد هذا البيان تستمرون على ما أنتم عليه من المراء فترون اللات والعزى ومناة أولادا له تعالى ثم أخسها وسد مسد المفعول الثاني قوله تعالى: * (ألكم) * الخ زيادة للإنكار فعلى هذا ليس * (أفرأيتم) * في معنى الاستخبار وجاز أن يكون في معناه على معنى * (أفتمارونه) * فأخبروني هل لكم الذكر وله الأنثى، والقول مقدر أي فقل لهم أخبروني والمعنى هو كذا تهكما وتنبيها على أنه نتيجة مرائهم وأن من كان هذا معتقده فهو على الضلال الذي لا ضلال بعده ولا يبعد عن أمثاله نسبة الهادين المهديين إلى ما هو فيه من النقص انتهى، وما ذكره أولا أولى وهو ليس بالبعيد عما ذكرنا.
* (تلك إذا قسمة ضيزى) *.
* (تلك) * إشارة إلى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية * (إذا قسمة ضيزى) * أي جائرة حيث جعلتم له سبحانه ما تستنكفون منه وبذلك فسر ضيزى ابن عباس. وقتادة، وفي معناه قول سفيان منقوصة، وابن زيد مخالفة، ومجاهد. ومقاتل عوجاء، والحسن غير معتدلة، والظاهر أنه صفة، واختلف في يائه فقيل: منقلبة عن واو، وقيل: أصلية، ووزنه فعلى بضم الفاء كحبلى وأنثى، ثم كسرت لتسلم الياء كما فعل ذلك في بيض جمع أبيض فإن وزنه فعل بضم الفاء كحمر ثم كسرت الفاء لما ذكر ومثله شائع، ولم يجعل وزنه فعلى بالكسر ابتداءا لما ذهب إليه سيبويه من أن فعلى بالكسر لم يجىء عن العرب في الصفات وجعله بعضهم كذلك متمسكا بورود ذلك. فقد حكى ثعلب مشية حيكى، ورجل كيصى، وغيره امرأة عز هي وامرأة سعلى، ورد بأنه من النوادر والحمل على الكثير المطرد في بابه أولى، وأيضا يمكن أن يقال في حيكى وكيصى ما قيل في ضيزى؛ ويمنع ورود عز هي وسعلى فإن المعروف عزهاة وسعلاة، وجوز أن يكون ضيزى فعلى بالكسر ابتداءا على أنه مصدر كذكرى ووصف به مبالغة، ومجىء هذا الوصف في المصادر كما ذكر، والأسماء الجامدة كدفلى وشعرى، والجموع كحجلى كثير، وقرأ ابن كثير ضئزى بالهمز على أنه مصدر وصف به، وجوز أن يكون وصفا وهو مضموم عومل معاملة المعتل لأنه يؤول إليه. وقرأ ابن زيد ضيزى بفتح الضاد وبالياء على أنه كدعوى أو كسكرى، ويقال ضؤزى بالواو والهمز وضم الفاء؛ وقد حكى الكسائي ضأز يضأز ضأزا بالهمز وأنشد الأخفش: فإن تنأ عنها تقتنصك وإن تغب * فسهمك (مضؤز) وأنفك راغم والأكثر ضاز بلا همز كما في قول امرىء القيس: (ضازت) بنو أسد بحكمهم * إذ يجعلون الرأس كالذنب وأنشده ابن عباس على تفسيره السابق.
* (إن هى إلا أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم مآ أنزل الله بها من سلط‍ان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس ولقد جآءهم من ربهم الهدى) *.
* (إن هي) * الضمير للأصنام أي ما الأصنام باعتبار الألوهية التي تدعونها * (إلا أسماء) * محضة ليس فيها شيء ما أصلا من معنى الألوهية؛ وقوله تعالى: * (سميتموها) * صفة للأسماء وضميرها لها لا للأصنام، والمعنى جعلتموها أسماء فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإن قيست إلى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير ههنا
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»