المؤمنين، وجعل بإيمان عليه متعلقا بألحقنا أي ألحقنا بسبب إيمان الآباء بهم ذريتهم الصغار الذين ماتوا ولم يبلغوا التكليف فهم في الجنة مع آبائهم قيل: وكأن من يقول بذلك يفسر * (اتبعتهم ذريتهم) * بماتوا ودرجوا على أثرهم قبل أن يبلغوا الحلم، وجوز أن يتعلق بإيمان بابتعتم على معنى اتبعوهم بهذا الوصف بأن حكم لهم به تبعا لآبائهم فكانوا مؤمنين حكما لصغرهم وإيمان آبائهم، والصغير يحكم بإيمانه تبعا لأحد أبويه المؤمن والكل كما ترى، وقيل: الموصول معطوف على حور، والمعنى قرناهم بالحور وبالذين آمنوا أي بالرفقاء والجلساء منهم فيتمتعون تارة بملاعبة الحور؛ وأخرى بمؤانسة الإخوان المؤمنين، وقوله تعالى: * (واتبعتهم) * عطف على زوجناهم، وقوله سبحانه: بإيمان متعلق بما بعده أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل، وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم وإن كانوا لا يستأهلونها تفضلا عليهم وعلى آبائهم ليتم سرورهم ويكمل نعيمهم، أو بسبب إيمان داني المنزلة وهو إيمان الذرية كأنه قيل: بشيء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم، وصنيع الزمخشري ظاهر في اختيار العطف على حور فقد ذكره وجها أول، وتعقبه أبو حيان بأنه لا يتخيل ذلك أحد غير هذا الرجل، وهو تخيل أعجمي مخالف لفهم العربي القح كابن عباس. وغيره، وقيل عليه: إنه تعصب منه، والإنصاف أن المتبادر الاستئناف، وإن أحسن الأوجه في الآية وأوفقه للمقام ما تقدم.
وقرأ أبو عمرو * (وأتبعناهم) * بقطع الهمزة وفتحها، وإسكان التاء، ونون بعد العين وألف بعدها أي جعلناهم تابعين لهم في الإيمان، وقرأ أيضا ذرياتهم جمعا نصبا، وابن عامر كذلك رفعا، وقرأ ذرياتهم بكسر الذال * (واتبعتهم ذريتهم) * بتاء الفاعل، ونصب ذريتهم على المفعولية، وقرأ الحسن. وابن كثير - ألتناهم - بكسر اللام من ألت يألت كعلم يعلم، وعلى قراءة الجمهور من باب ضرب يضرب، وابن هرمز آلتناهم بالمد من آلت يؤلت، وابن مسعود. وأبي لتناهم من لات يليت وهي قراءة طلحة. والأعمش، ورويت عن شبل. وابن كثير، وعن طلحة. والأعمش، ورويت عن شبل. وابن كثير، وعن طلحة. والأعمش أيضا - لتناهم - بفتح اللام، قال سهل: لا يجوز فتح اللام من غير ألف بحال وأنكر أيضا آلتناهم بالمد، وقال: لا يروى عن أحد ولا يدل عليه تفسير ولا عربية - وليس كما قال - بل نقل أهل اللغة آلت بالمد كما قرأ هرمز، وقرىء وما ولتناهم من ولت يلت، ومعنى الكل واحد، وجاء ألت بمعنى غلظ يروى أن رجلا قام إلى عمر رضي الله تعالى عنه فوعظه فقال: لا تألت على أمير المؤمنين أي لا تغلظ عليه * (كل امرىء بما كسب) * أي بكسبه وعمله * (رهين) * أي مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين ونفس العبد بمنزلة الرهن ولا ينفك الرهن ما لم يؤد الدين فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربه سبحانه ويصعد إليه عز وجل وإن كان غير ذلك فلا أداء فلا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال جل وعلا: * (كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين) * (المدثر: 38، 39) فإن المراد كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم.
ووجه الاتصال على هذا أنه سبحانه لما ذكر حال المتقين وأنه عز وجل وفر عليهم ما أعده لهم من الثواب والتفضل عقب بذلك الكلام ليدل على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته، وكان موضعه من حيث الظاهر أن يكون عقيب قوله تعالى: * (هو البر الرحيم) * (الطور: 28) ليكون كلاما راجعا إلى حال الفريقين - المدعوين. والمتقين - وإنما جعل متخللا بين أجزية المتقين عقيب ذكر توفير ما أعد لهم، قال في " الكشف ":