تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٤٤
سورة والنجم وتسمى أيضا سورة - النجم - بدون واو وهي مكية: على الإطلاق، وفي الاتقان استثنى منها * (الذين يجتنبون) * (النجم: 32) إلى اتقى، وقيل: * (أفرأيت الذي تولى) * (النجم: 33) الآيات التسع، ومن الغريب حكاية الطبرسي عن الحسن أنها مدنية. ولا أرى صحة ذلك عنه أصلا، وآيها اثنتان وستون آية في الكوفي، وإحدى وستون في غيره، وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أول سورة أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتها فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون، وأخرج البخاري. ومسلم. وأبو داود. والنسائي عنه قال: " أول سورة أنزلت فيها سجدة * (والنجم) * فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا " وهو أمية بن خلف، وفي " البحر " أنه عليه الصلاة والسلام سجد وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب فإنه رفع حفنة من تراب وقال: يكفي هذا، فيحتمل أنه وأمية فعلا كذلك، وهي شديدة المناسبة لما قبلها فإن الطور ختمت بقوله تعالى: * (إدبار النجوم) * وافتتحت هذه بقوله سبحانه: * (والنجم) * وأيضا في مفتتحها ما يؤكد رد الكفرة فيما نسبوه إليه صلى الله عليه وسلم من التقول والشعر والكهانة والجنون، وذكر أبو حيان أن سبب نزولها قول المشركين: إن محمدا عليه الصلاة والسلام يختلق القرآن، وذكر الجلال السيوطي في وجه مناسبتها أن الطور فيها ذكر ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله تعالى: * (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) * (النجم: 32) الآية فقد أخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم. والطبري. وأبو نعيم في المعرفة. والواحدي عن ثابت بن الحرث الأنصاري " قال: كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا هو صديق فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذبت يهود ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد فأنزل الله تعالى عند ذلك * (وهو أعلم بكم) * الآية كلها " وأنه تعالى لما قال هناك في المؤمنين: * (ألحقنا بهم ذريتهم) * الخ قال سبحانه هنا في الكفار، أو في الكبار: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * خلاف ما دخل في المؤمنين الصغار، ثم قال: وهذا وجه بديع في المناسبة من وادي التضاد، وفي صحة كون قوله تعالى: * (هو أعلم بكم) * الآية نزل لما ذكر نظر عندي، وكون قوله تعالى: * (ألحقنا بهم ذريتهم) * في الصغار لم يتفق عليه المفسرون كما سمعت غير بعيد، نعم من تأمل ظهر له وجوه من المناسبات غير ما ذكر فتأمل.
* (والنجم إذا هوى) *.
بسم الله الرحم‍ان الرحيم * (والنجم إذا هوى) * أقسم سبحانه بجنس النجم المعروف على ما روى عن الحسن ومعمر بن المثنى، ومنه قوله: فباتت تعد النجم في مستحيرة * سريع بأيدي الآكلين جمودها ومعنى * (هوى) * غرب، وقيل: طلع يقال هوى يهوى كرمى يرمي هويا بالفتح في السقوط والغروب لمشابهته له؛ وهويا بالضم للعلو، والطلوع، وقيل: الهوى بالفتح للإصعار والهوى بالضم للانحدار؛ وقيل: الهوى بالفتح والضم السقوط ويقال أهوى بمعنى هوى، وفرق بعض اللغويين بينهما بأن هوى إذا انقض لغير صيد، وأهوى
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»