(مصفوفة) مجعولة على صف وخط مستو * (وزوجناهم بحور عين) * أي قرناهم بهن - قاله الراغب - ثم قال: ولم يجىء في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على أن ذلك لا يكون على حسن المتعارف فيما بيننا من المناكحة، وقال الفراء: تزوجت بامرأة لغة أزد شنوءة، والمشهور أن التزوج متعد إلى مفعول واحد بنفسه والتزويج متعد بنفسه إلى مفعولين، وقيل: فيما هنا أن الباء لتضمين الفعل معنى القران أو الإلصاق، واعترض بأنه يقتضي معنى التزويج بالعقد وهو لا يناسب المقام إذ العقد لا يكون في الجنة لأنها ليست دار تكليف أو أنها للسببية والتزويج ليس بمعنى الانكاح بل بمعنى تصييرهم زوجين زوجين أي صيرناهم كذلك بسبب حور عين، وقرأ عكرمة بحور عين على إضافة الموصوف إلى صفته بالتأويل المشهور، وقوله تعالى:
* (والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ومآ ألتناهم من عملهم من شىء كل امرىء بما كسب رهين) *.
* (والذين ءامنوا) * الخ كلام مستأنف مسوق لبيان حال طائفة من أهل الجنة إثر بيان حال الكل وهم الذي شاركتهم ذريتهم في الايمان، والموصول مبتدأ خبره ألحقنا بهم، وقوله تعالى: * (واتبعتهم ذريتهم) * عطف على آمنوا، وقيل اعتراض للتعليل، وقوله تعالى: * (بإيمان) * متعلق بالاتباع أي أتبعتهم ذريتهم بإيمان في الجملة قاصر عن رتبة إيمان الآباء إما بنفسه بناءا على تفاوت مراتب نفس الايمان، وإما باعتبار عدم انضمام أعمال مثل أعمال الآباء إليه، واعتبار هذا القيد للإيذان بثبوت الحكم في الايمان الكامل أصالة لا إلحاقا قيل: هو حال من الذرية، وقيل: من الضمير وتنوينه للتعظيم، وقيل: منهما وتنوينه للتنكير والمعول عليه ما قدمنا * (الحقنا بهم ذريتهم) * في الدرجة. أخرج سعيد بن منصور. وهناد. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والحاكم. والبيهقي في " سننه " عن ابن عباس قال: " إن الله تعالى ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم قرأ الآية " وأخرجه البزار. وابن مردويه عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية ابن مردويه. والطبراني عنه أنه قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال له: إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به " وقرأ ابن عباس الآية، وظاهر الأخبار أن المراد بإلحاقهم بهم إسكانهم معهم لا مجرد رفعهم إليهم واتصالهم بهم أحيانا ولو للزيارة. وثبوت ذلك على العموم لا يبعد من فضل الله عز وجل، وما قيل: لعله مخصوص ببعض دون بعض تحجير لإحسانه الواسع جل شأنه، وقد يستأنس للتخصيص بما روى عن ابن عباس إن الذين آمنوا المهاجرون والأنصار، والذرية التابعون لكن لا أظن صحته * (وما ألتناهم) * أي وما نقنصا الآباء بهذا الإلحاق * (من عملهم) * أي من ثواب عملهم * (من شيء) * أي شيئا بأن أعطينا بعض مثوباتهم أبناءهم فتنقص مثوباتهم وتنحط درجتهم وإنما رفعناهم إلى منزلتهم بمحض التفضل والإحسان، وقال ابن زيد - الضمير عائد على الأبناء أي وما نقصنا الأبناء الملحقين من جزاء عملهم الحسن والقبيح شيئا بل فعلنا ذلك بهم بعد مجازاتهم بأعمالهم كملا - وليس بشيء وإن قال أبو حيان يحسن هذا الاحتمال قوله تعالى: * (كل امرىء بما كسب رهين) * وإلى الأول ذهب ابن عباس. وابن جبير. والجمهور. والآية على ما ذهب إليه المعظم في الكبار من الذرية، وقال منذر بن سعيد: هي في الصغار.
وروى عن الحبر. والضحاك أنهما قالا: إن الله تعالى يلحق الأبناء الصغار وإن لم يبلغوا زمن الايمان بآبائهم