تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٦٨
الحديث فقالوا: أي لهبط على علم الله تعالى وقدرته وسلطانه، ويؤيد هذا ذكر التذييل وعدم اقتصاره عليه الصلاة والسلام على ما قبله، وهذه الآية ينبغي لمن وجد في نفسه وسوسة فيما يتعلق بالله تعالى أن يقرأها، فقد أخرج أبو داود عن أبي زميل أن ابن عباس قال له وقد أعلمه أن عنده وسوسة في ذلك: * (إذا وجدت في نفسك شيئا فقل هو الأول) * الآية.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عمر. وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس يسألون عن كل شيء حتى يقولوا هذا الله كان قبل كل شيء فماذا كان قبل الله فإن قالوا لكم ذلك فقولوا هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ".
* (هو الذى خلق السم‍اوات والارض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الارض وما يخرج منها وما ينزل من السمآء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير) *.
* (هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) * بيان لبعض أحكام ملكهما وقد مر تفسيره مرارا * (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها) * مر بيانه في سورة سبأ * (وهو معكم أين ما كنتم) * تمثيل لإحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما كانوا، وقيل: المعية مجاز مرسل عن العلم بعلاقة السببية والقرينة السابق واللحاق مع استحالة الحقيقة، وقد أول السلف هذه الآية بذلك، أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قال فيها: عالم بكم أينما كنتم.
وأخرج أيضا عن سفيان الثوري أنه سئل عنها فقال: علمه معكم، وفي " البحر " أنه اجتمعت الأمة على هذا التأويل فيها وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات وهي حجة على منع التأويل في غيرها مما يجري مجراها في استحالة الحمل على الظاهر، وقد تأول هذه الآية. وتأول الحجر الأسود يمين الله في الأرض، ولو اتسع عقله لتأول غير ذلك مما هو في معناه انتهى.
وأنت تعلم أن الأسلم ترك التأويل فإنه قول على الله تعالى من غير علم ولا نؤول إلا ما أوله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه فإن أولوا أولنا وإن فوضوا فوضنا ولا نأخذ تأويلهم لشيء سلما لتأويل غيره، وقد رأيت بعض الزنادقة الخارجين من ربقة الإسلام يضحكون من هذه الآية مع قوله تعالى: * (ثم استوى على العرش) * ويسخرون من القرآن الكريم لذلك وهو جهل فظيع وكفر شنيع نسأل الله تعالى العصمة والتوفيق.
* (والله بما تعملون بصير) * عبارة عن إحاطته بأعمالهم وتأخير صفة العلم الذي هو من صفات الذات عن الخلق الذي هو من صفات الأفعال مع أن صفات الذات متقدمة على صفات الأفعال لما أن المراد الإشارة إلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم، وقيل: إن الخلق دليل العلم إذ يستدل بخلقه تعالى وإيجاده سبحانه لمصنوعاته المتقنة على أنه عز وجل عالم ومن شأن المدلول التأخر عن الدليل لتوقفه عليه، وقوله تعالى:
* (له ملك السم‍اوات والارض وإلى الله ترجع الامور) *.
* (له ملك السم‍اوات والأرض) * تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله سبحانه المشعر بالإعادة:
* (وإلى الله ترجع الأمور) * أي إليه تعالى وحده لا إلى غيره سبحانه استقلالا أو اشتراكا ترجع جميع الأمور أعراضها وجواهرها، وقرأ الحسن. وابن أبي إسحاق. والأعرج * (ترجع) * مبنيا للفاعل من رجع رجوعا، وعلى البناء للمفعول كما في قراءة الجمهور هو من رجع رجعا.
* (يولج اليل فى النهار ويولج النهار فى اليل وهو عليم بذات الصدور) *.
* (يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل) * مر تفسيره مرارا؛ وقوله تعالى: * (وهو عليم) * أي مبالغ في العلم * (بذات الصدور) * أي بمكنوناتها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»