تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٦٥
عموم المجاز، وجوز الطبرسي كون * (ما) * للعالم فقط مثلها في قول أهل الحجاز كما حكى أبو زيد عند سماع الرعد - سبحان * (ما) * سبحت له - ولا يخفى أن عمومها العالم وغيره أولى، والظاهر أنها في الوجهين موصولة، وقال بعضهم: إنها نكرة موصوفة وأن أصل الكلام ما في السماوات وما في الأرض ثم حذفت * (ما) * الثانية وأقيمت صفتها مقامها، ولا يحسن أن تكون موصولة لأن الصلة لا تقوم مقام الموصول عند البصريين وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع، والحمل على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه وكون المذكورة موصولة والمحذوفة نكرة موصوفة مما لا وجه له انتهى.
وأنت تعلم أن حذف الموصول الصريح في مثل ذلك أكثر من أن يحصى وجىء باللام مع أن التسبيح متعد بنفسه كما في قوله تعالى: * (وتسبحوه) * للتأكيد فهي مزيدة لذلك كما في نصحت له وشكرت له، وقيل: للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم أي فعل التسبيح وأوقعه لأجل الله تعالى وخالصا لوجهه سبحانه، وفيه شيء لا يخفى، وعبر بالماضي هنا وفي بعض الأخوات وبالمضارع في البعض الآخر إيذانا بتحقق التسبيح في جميع الأوقات، وفي كل دلالة على أن من شأن ما أسند إليه التسبيح أن يسبحه وذلك هجيراه وديدنه، أما دلالة المضارع عليه فللدلالة على الاستمرار إلى زمان الأخبار وكذلك فيما يأتي من الزمان لعموم المعنى المقتضى للتسبيح وصلوح اللفظ لذلك حيث جرد عن الدلالة على الزمان وأوثر على الاسم دلالة على تجدد تسبيح غب تسبيح، وأما دلالة الماضي فللتجرد عن الزمان أيضا مع التحقيق الذي هو مقتضاه فيشمل الماضي من الزمان ومستقبله كذلك، وقيل: الإيذان والدلالة على الاستمرار مستفادان من مجموعي الماضي والمضارع حيث دل الماضي على الاستمرار إلى زمان الإخبار والمضارع على الاستمرار في الحال والاستقبال فشملا معا جميع الأزمنة، وقال الطيبي: افتتحت بعض السور بلفظ المصدر وبعض بالماضي وبعض بالمضارع وبعض بالأمر فاستوعب جميع جهات هذه الكلمة إعلاما بأن المكونات من لدن إخراجها من العدم إلى الوجود إلى الأبد مسبحة مقدسة لذاته سبحانه وتعالى قولا وفعلا طوعا وكرها * (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) * * (وهو العزيز) * القادر الغالب الذي لا ينازعه ولا يمانعه شيء * (الحكيم) * الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشعر بعلة الحكم، وكذا قوله تعالى:
* (له ملك السم‍اوات والارض يحى ويميت وهو على كل شىء قدير) *.
* (له ملك السم‍اوات والأرض) * أي التصرف الكلي فيهما وفيما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والإعدام وسائر التصرفات، وقوله سبحانه: * (يحيي ويميت) * أي يفعل الإحياء والإماتة استئناف مبين لبعض أحكام الملك وإذا جعل خبر مبتدأ محذوف أي هو يحيي ويميت كانت تلك الجملة كذلك وجعله حالا من ضمير له يوهم تقييد اختصاص الملك بهذه الحال، وقوله تعالى: * (وهو على كل شيء) * من الأشياء التي منجملتها ما ذكر من الإحياء والإماتة * (قدير) * مبالغ في القدرة تذييل وتكميل لما قبله.
* (هو الاول والاخر والظ‍اهر والب‍اطن وهو بكل شىء عليم) *.
* (هو الأول) * السابق على جميع الموجودات فهو سبحانه موجود قبل كل شيء حتى الزمان لأنه جل وعلا الموجد والمحدث للموجودات * (والآخر) * الباقي بعد فنائها حقيقة أو نظرا إلى ذاتها مع قطع النظر عن مبقيها فإن جميع
(١٦٥)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»