تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٧
وهي المرة من الصعق بمعنى الصاعقة أيضا، أو الصيحة * (وهم ينظرون) * إليها ويعاينونها ويحتاج إلى تنزيل المسموع منزلة المبصر على القول بأن الصاعقة الصيحة وأن المراد ينظرون إليها، وقال مجاهد: * (ينظرون) * بمعنى ينتظرون أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب في تلك الأيام الثلاثة التي رأوا فيها علاماته وانتظار العذاب أشد من العذاب.
* (فما استط‍اعوا من قيام وما كانوا منتصرين) *.
* (فما استط‍اعوا من قيام) * كقوله تعالى: * (فأصبحوا في دارهم جاثمين) * (الأعراف: 87) وقيل: هو من قولهم: ما يقوم فلان بكذا إذا عجز عن دفعه، وروي ذلك عن قتادة فهو معنى مجازي، أو كناية شاعت حتى التحقت بالحقيقة * (وما كانوا منتصرين) * بغيرهم كما لم يتمنعوا بأنفسهم.
* (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين) *.
* (وقوم نوح) * أي وأهلكنا قوم، فإن ما قبله يدل عليه، أو واذكر، وقيل: عطف على الضمير في * (فأخذتهم) *، وقيل: في * (فنبذناهم) * لأن معنى كل فأهلكناهم - هو كما ترى - وجوز أن يكون عطفا على محل * (وفي عاد) * أو * (وفي ثمود) * وأيد بقراءة عبد الله. وأبي عمرو. وحمزة. والكسائي. وقوم بالجر، وقرأ عبد الوارث. ومحبوب. والأصمعي عن أبي عمرو. وأبو السمال. وابن مقسم. وقوم بالرفع والظاهر أنه على الابتداء، والخبر محذوف أي أهلكناهم * (من قبل) * أي من قبل هؤلاء المهلكين * (إنهم كانوا قوما فاسقين) * خارجين عن الحدود فيما كانوا فيه من الكفر والمعاصي.
* (والسمآء بنين‍اها بأيد وإنا لموسعون) *.
* (والسماء) * أي وبنينا السماء * (بنين‍اها بأييد) * أي بقوة قاله ابن عباس. ومجاهد. وقتادة، ومثله - الآد - وليس جمع * (يد) * وجوزه الإمام وإن صحت التورية به * (وإنا لموسعون) * أي لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة، فالجملة تذييل إثباتا لسعة قدرته عز وجل كل شيء فضلا عن السماء، وفيه رمز إلى التعريض الذي في قوله تعالى: * (وما مسنا من لغوب) * (ق: 38)، وعن الحسن * (لموسعون) * الرزق بالمطر وكأنه أخذه من أن المساق مساق الامتنان بذلك على العباد لا إظهار القدرة فكأنه أشير في قوله تعالى: * (والسماء بنيناها بأيد) * (الذاريات: 47) إلى ما تقدم من قوله سبحانه: * (وفي السماء رزقكم) * (الذاريات: 22) على بعض الأقوال فناسب أن يتمم بقوله تعالى: * (وإنا لموسعون) * (الذاريات: 47) مبالغة في المن ولا يحتاج أن يفسر الأيد بالأنعام على هذا القول لأنه يتم المقصود دونه، واليد بمعنى النعمة لا الإنعام، وقيل: أي لموسعوها بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء بالنسبة إليها كحلقة في فلاة، وقيل: أي لجاعلون لمكانية، بينها وبين الأرض سعة، والمراد السعة المكانية، وفيه على القولين تتميم أيضا.
* (والارض فرشن‍اها فنعم الم‍اهدون) *.
* (والأرض) * أي وفرشنا الأرض * (فرشن‍اها) * أي مهدناها وبسطناها لتستقروا عليها ولا ينافي ذلك شبهها للكرة على ما يزعمه فلاسفة العصر * (فنعم الم‍اهدون) * أي نحن، وقرأ أبو السمال. ومجاهد. وابن مقسم برفع السماء ورفع الأرض على أنهما مبتدآن وما بعدهما خبر لهما.
* (ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) *.
* (ومن كل شيء) * أي من كل جنس من الحيوان * (خلقنا زوجين) * نوعين ذكرا وأنثى - قاله ابن زيد. وغيره - وقال مجاهد: هذا إشارة إلى المتضادات والمتقابلات كالليل. والنهار. والشقوة. والسعادة. والهدى. والضلال. والسماء. والأرض والسواد. والبياض. والصحة. والمرض. إلى غير ذلك، ورجحه الطبري بأنه أدل على القدرة، وقيل: أريد بالجنس
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»